مضمرون فيه سوءا فبدر إليه الكردى ، فسايره وهو راكب على راحلته ، وعلىّ على فرس ، ورمى بنفسه على علىّ وضربه بجنبيّة كانت معه ، فطاحا جميعا إلى الأرض ، فوثب عليه علىّ فضربه بالسيف ضربة كاد منها يهلك.
وولّى علىّ راجعا إلى الحلّة ، فأغرى به شخص يقال له أبو نمىّ ـ غلام لصهره حازم بن عبد الكريم ـ جندبا وعبيّة وحمزة بن قاسم ، وعرّفهم أنه قتل الكردى ، فوثبوا عليه فقتلوا وقطعّوه وكفّنوه ، وبعثوا به إلى مكة فى شجار ، فوصل إلى المعلاة ليلا ، وصلّى عليه ودفن فى قبر أبيه.
وكان قتله فى يوم الأربعاء سابع شوال سنة سبع وتسعين وسبعمائة ، ودفن فى ليلة الخميس ثامنه ، وعظم قتله على الناس ، سيّما أهل مكة ، لأنهم تخوّفوا أن الأشراف يقصدون مكة وينهبونها ، وتخيّل ذلك بعض العبيد الذى فى خدمة علىّ ، وهمّوا بنهبها ، والخروج منها قبل وصول الأشراف إليها ، فنهاهم عن ذلك العقلاء من أصحابهم ، وحمى الله البلد من الأشراف وغيرهم.
وفى الصباح وصل إليها السيّد محمد بن عجلان ، وكان عند الأشراف منافرا لأخيه على ، ووصل إليها أيضا السيد محمد بن محمود ، وكان نازلا بحادثة قريبا من مكة ، وقاما مع العبيد والمولّدين بحفظ البلد ، إلى أن وصل السيد حسن من مصر ، متوليّا لإمرة مكة ، عوض أخيه علىّ ، وذلك نصف سنة ونحو نصف شهر ، وكان لعلىّ من العمر حين قتل ، نحو من ثلاث وعشرين سنة ، وكان تزوّج الشريفة فاطمة بنت ثقبة ، بإثر ولايته بمكة ، وتجمّل بها حاله ، ثم تزوّج بنت حازم بن عبد الكريم بن أبى نمىّ ، ثم بنت النّصيح أحمد بن عبد الكريم بن عبد الله بن عمر ، وكان زواجه عليها قبل موته بنحو جمعة أو أقلّ ، وكانت قبله عند أخيه السيّد حسن ، فأبانها لما تزوّج عليها ابنة عنان ، لتحريم الجمع بينهما باعتبار الرضاع.
وكان مليح الشّكالة والأخلاق ، ذا كرم وعقل رزين ، وكان بنو حسن يتعجّبون منه ، لأنهم كانوا يكثرون الحديث عنده فيما يريدونه من الأمور ، ويرغبون فى أن يخوض معهم فى ذلك ، فلا يتكلم إلا بما فيه فصل لذلك ، وأصلح الله بوصول السيد حسن البلاد ، لا جتهاده فى حسم موادّ الفساد ، واستمرّ منفردا بإمرة مكة ، إلى شعبان سنة تسع وثمانمائة ، ثم شاركه فى ولايتها ابنه السيد بركات ، بسعى أبيه له فى ذلك ، ثم ولى ما كان بيد السيد حسن من الولاية ، وهو نصف الإمرة بمكة ، ابنه السيد أحمد ،