٢١٦٢ ـ عمر بن حسين بن على بن أحمد بن عطيّة بن ظهيرة القرشىّ المخزومى المكىّ ، يلقّب بالسّراج :
مولده سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة ، ونشأ بها. وسمع بها على القاضى عز الدين بن جماعة بعض «منسكه الكبير» وعلى غيره.
وأجاز له من دمشق جماعة من أصحاب ابن البخارى وغيره ، وقرأ فى «الرسالة» على مذهب مالك ، ولم ينجب ، ودخل ديار مصر والشام لطلب الرزق مرات ، ودخل اليمن ، ثم انقطع بأخرة بمكة ، حتى مات بها ، سامحه الله تعالى ، وقد حسن حاله فى أمر دنياه ، بما صار إليه من مال أخيه ظهيرة بن حسين ، ولما حضره الأجل ، أقر بجانب من ذلك لابنة له طفلة ، قاصدا بذلك إيثارها به على ورثته ، أولاد أولاد أخيه أبى السعود ، فليم فى ذلك ، وقيل له : كنت تعيب على أخيك ظهيرة إقراره بما فى يده ، لابن أخيه القاضى أبى البركات بن أبى السعود ، وتعلّل ذلك بكونه قصد حرمانك من ميراثه ، وغير ذلك.
فقال : إنه راض بأن يكون فى درك فى النار ، أسفل من درك أخيه ظهيرة ، أو كلاما معناه هذا ، نعوذ بالله من الضّلال.
وقد أثبت القاضى الشافعىّ بمكة ، إقراره لابنته ، بصورة أنه وكلّ فى الدعوى لابنته بحقوقها وأثباتها ، ووكّل وكيلا يجاوب عنه بالإنكار فيما أقرّ به ، فادّعى الذى وكّله لا بنته على وكيله ، فأجاب بالإنكار ، وسأل البيّنة ، فشهدت بإقراره ، وأشهد الحاكم بثبوت ذلك لديه ، وحكم به ، وفى النفس من ذلك شىء ، لا تحاد المدّعى والمدّعى عليه ، وتوكيل الأب فى الدعوى بذلك لا بنته ، إقرار منه ، لها به ، فلا يقبل توكيله من يجاوب عنه بإنكار ذلك ، فإن قيل : توكيل الأب فى الدعوى لا بنته بحقوقها وأثباتها عام ، وذلك لا يقتضى أنّ الأب مقرّ لا بنته بما يدّعى لها به ، ولا أنه وكّل فى الدعوى لها بذلك. فالجواب : أن تعميم الأب التوكيل لا بنته ، فى الدّعوى لها بحقوقها ، يستلزم الدعوى لها بما أقرّ به لها ، ولو لا ذلك بطلت الدعوى لها بإقراره ، وما ترتّب عليها من الثبوت والحكم ، فيكون على هذا تعميم الأب التوكيل لا بنته ، بالدعوى لها بحقوقها ، مثل توكيله فى الدعوى لها بما أقرّ به لها ، ويكون المدّعى والمدعّى عليه متّحدا ، وهو مما لا يجوز ، وإلى عدم جواز ذلك ، وعدم صحة الثبوت المترتّب على هذه الدعوى ، مال كثير غير واحد من فقهاء الشافعيّة والحنفيّة ، وكتب بعض الشافعية بذلك خطه ، فى سؤال صورته :
__________________
٢١٦٢ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ٨٣).