من كبيش ، بسبب قيامه فى كحله ، واستدنى جماعة كثيرة من عبيد أحمد ، فأحسن إليهم ، وقال لهم : أنا عوضكم فى مولاكم وابن مولاكم ، فأظهروا له الرضا عنه ، وجعلهم بجدة ، وجعل بها محمد بن بركتى ـ وهو ابن مولى أبيه مغامس ـ عينا له على محمد ، ومن معه من آل عجلان ، فوقع من محمد بن عجلان ، ما أنكر عليه محمد بن بركتى ، وأنهى ذلك عنه إلى عنان ، فكتب عنان إلى محمد بن عجلان يزجره ، فغضب محمد ، وأرسل إلى كبيش ومن ومعه من آل عجلان وغيرهم ، يستدعيهم إليه ، فقدموا إليه ، واستولوا على جدة ، وما فيها من أموال الكارم ، وغلال المصريين ، من أهل الدولة بمصر ، وكان ذلك شيئا عظيما جدا ، ومال إليهم للطمع ، جماعة من أصحاب عنان ، ولم يستطيع عنان الخروج إليهم ، واحتاج ، وأخذ بمكة ما كان فى بيت شمس الدين بن جن البئر ، وكيل الأمير جركس الخليلى ، أمير آخور الملكى الظاهرى ، وأحد خواص السلطان ، من الغلال والقماش والسكر وغير ذلك ، وكان شيئا كثيرا ، وأعطى ذلك لبنى حسن وغيرهم [.....](١) به حال عنان ، وكان الذين مع عنان يختلفون عليه ، فأرضى أحمد بن ثقبة وعقيل بن مبارك ، بإشراكهما معه فى الإمرة بمكة ، وصار يدعى لهما معه فى الخطبة ، وبعد المغرب على زمزم ، ولكل منهما طبلخانه وغلمانه ، ثم أشرك معه فى الإمرة والدعاء ، على بن مبارك ، لما أتاه منافرا لآل عجلان ، وبلغ ذلك ـ مع ما اتفق بجدة ومكة من النهب ـ السلطان بمصر ، فعزل عنانا ، وولى على بن عجلان إمرة مكة عوضه.
وامتنع أصحاب عنان من تسليم البلد لعلى ، فتابعهم عنان على ذلك ، والتقوا مع أصحاب على بالأبطح ، عند ثنية أذاخر ، فقتل كبيش وغيره من آل عجلان ومن جماعتهم ، وولّوا راجعين إلى منازلهم بالوادى ، فأجار عنان من اللحاق بهم ، ودخل هو وأصحابه مكة مسرورين بالنصر ، بعد أن كاد يتم عليهم الغلب ، وكان من أسباب نصرهم ، أنهم عاجلوا آل عجلان بالقتال ، قبل وصول بقيتهم إلى الأبطح ، وعدم ظهور عنان وقت الحرب ، لإشارة بعض خواصه عليه بذلك ، لظنه أن آل عجلان يجتهدون فى حربه ، إذا ظهر لهم ، وقتل من جماعة عنان ، شريف يقال له فيّاش ، وخمسة من أهل مكة ، وذلك يوم السبت سلخ شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة ، وفتحت الكعبة لعنان وأصحابه ، لما انتهوا إلى المسجد ، فدخلها جماعة منهم ، وأقاموا بمكة إلى أن أطل الحجاج المصريون على دخول مكة ، ثم فارقوها ، وقصدوا الزيمة بوادى نخلة اليمانية ، وتخلف
__________________
(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.