ابن راجب من الغنيمة ، ما يزيد على مائة فرس ، وهو واحد من جماعة كثيرة من العرب الكلابيين ، وعاد الأجناد الذين كانوا مضوا مع الأمير سالم من الشام ، من التركمان وغيرهم ، صحبة الناهض بن الجرخى خادم المعتمد ، وفى صحبتهم كثير مما غنموه من أعمال قتادة ، ومن وقعة وادى الصفراء ، من نساء وصبيان ، وظهر فيهم أشراف حسنيون وحسينيون ، فاستعيدوا منهم ، وسلّموا إلى المعروفين من أشراف دمشق ، ليكفلوهم ويشاركوهم فى قسمهم من وقفهم. انتهى.
وهذا الخبر يقتضى أن سالما لم يحضر القتال الذى كان بين قتادة والعسكر ، الذى أنفذه المعظم لقتال قتادة ، نصرة لسالم ، لموت سالم فى الطريق ، وأنه سار مع العسكر من دمشق إلى أن مات بالطريق ، والخبر الأول يقتضى أن سالما حضر مع العسكر قتالهم لقتادة ، ويقتضى أيضا أن سالما لم يسر مع العسكر من دمشق ، وإنما لقيهم بالمدينة أو فى الطريق.
وهذا الخبر نقله أبو شامة عن صاحب مرآة الزمان ، وما ذكره أبو شامة أصوب مما ذكره عن صاحب المرآة ، لا تحاد القصة. والله أعلم.
وذكر أبو شامة سبب إنجاد المعظم لسالم على قتادة ، لأنه قال لما ذكر حج المعظم : وتلقاه سالم أمير المدينة وخدمه ، وقدم له الخيل والهدايا ، وسلم إليه مفاتيح المدينة ، وفتح الأهراء ، وأنزله فى داره ، وخدمه خدمة عظيمة ، ثم سار إلى مكة ، فوصلها يوم الثلاثاء سادس ذى الحجة. ثم قال أبو شامة : قال أبو المظفر سبط بن الجوزى : والتقاه قتادة أبو عزيز أمير مكة ، وحضر فى خدمته. قال أبو المظفر : وحكى لى رحمهالله ـ يعنى المعظم ـ قال : قلت له ـ يعنى قتادة ـ : أين ننزل؟ فأشار إلى الأبطح بسوطه ، وقال : هناك. فنزلنا بالأبطح ، وبعث إلينا هدايا يسيرة. انتهى.
وذكر أبو شامة خبرا اتفق لقتادة وقاسم بن مجاز أمير المدينة ، ونص ما ذكره فى أخبار سنة ثلاث عشرة وستمائة : فيها وصل الخبر بتسليم نواب الكامل الينبع ، من نواب قتادة ، حماية له من قاسم بن جماز صاحب المدينة ، وبأن قاسم بن جماز أخذ وادى القرى ونخلة من قتادة ؛ وهو مقيم به ينتظر الحاج ، حتى يقضوا مناسكهم ، وينازل هو مكة بعد انفصالهم عنها. انتهى.
وذكر ابن محفوظ شيئا من خبر قتادة وقاسم ، لأنه قال : سنة ثلاث عشرة وستمائة ، كان فيها وقعة الحميمة ، جاء الأمير قاسم الحسينى بعسكر من المدينة ، وأغار على جدة ، وخرج له صاحب مكة قتادة ، والتقوا بين القصر والحميمة ، وكانت الكسرة على قاسم ، وكان ذلك يوم النحر فى هذه السنة. انتهى.