ونقل ابن سعيد المغربى ، عن سليمان بن الزنجانى ، وزير قتادة ، أن أخا حسن بن قتادة وأقاربه ، يزعمون أن حسن قتل أباه خنقا ، واستعان على ذلك بجارية كانت تخدم أباه ، وغلام له ، فى إمساك يديه ، ثم قتلهما بعد ذلك ليخفى سبب قتله أبيه ، وزعم أن قتله الغلام والجارية ، لكونهما قتلا أباه.
ورأيت ما يقتضى ، أن حسن بن قتادة قتل أباه بالسم ، والله أعلم أى ذلك كان. وقيل إن قتادة بلغ تسعين سنة ، فيتحصل فى سنه قولان ، أحدهما : أنه تسعون ، والآخر أنه نحو تسعين. وهذا القول ذكره ابن الأثير والأول ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام ، ويتحصل فى سنة وفاته قولان ، أحدهما : أنه سنة سبع عشرة ، والآخر : أنه سنة ثمان عشرة وستمائة ، ويتحصل فى شهر وفاته قولان ، أحدهما : أنه جمادى الأولى ، والآخر : أنه جمادى الآخرة ، من سنة سبع عشرة. ويتحصل فى صفة قتله قولان ، أحدهما : أنه خنق ، والآخر : أنه سمّ ، والله أعلم بالصواب.
وكان لقتادة من الولد : حسن ، الذى ولى إمرة مكة بعده ، وراجح ، وهو الأكبر الذى كان ينازع حسن فى الإمرة ، وعلىّ الأكبر ، جد الأشراف المعروفين بذوى علىّ ، وعلىّ الأصغر ، جد أبى نمى ، جد الأشراف ولاة خليص. ولكل من أولاد هؤلاء ذرية إلى الآن.
ومما صنع قتادة أيام ولايته على مكة ، أنه بنى عليها سورا من أعلاها على ما بلغنى ، وأظنه سورها الموجود اليوم. وبلغنى أن الذى بوادى نخلة الشامية ، فيما بين التنضب وبشرا ، بناء على هيئة الدروب فى مسيل الوادى ، ليمكس عنده حجّاج العراق ، وآثار هذا البناء فيه إلى الآن ، وأنه بنى على الجبل الذى بأسفل السبط ، من وادى نخلة المذكورة ، مصبّا على جبل يقال له العطشان ، وآثار ذلك باقية إلى الآن ، والله أعلم.
٢٣٣٨ ـ قتادة بن ربعى :
له صحبة. كان عامل علىّ رضى الله عنه على مكة ، ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الأولى من الثقات. انتهى.
هكذا رأيت هذه الترجمة فى «ترتيب ثقات ابن حبان» لشيخنا الحافظ نور الدين الهيثمى ، وفى ذلك نظر. والصواب فى ذلك والله أعلم : أبو قتادة بن ربعى الأنصارى ، صاحب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وفارسه ، ويدل لذلك قول ابن حبان : عامل على رضى الله عنه على مكة. لأن أبا قتادة المشار إليه ، كان عامل على رضى الله عنه على مكة ، كما ذكر ابن عبد البر فى الاستيعاب ، فى ترجمة قثم بن العباس.
وستأتى ترجمة أبى قتادة فى الكنى ، للخلاف فى اسمه ، والله تعالى أعلم.