قال ابن عبد البر : وكان قثم واليا لعلىّ على مكة ، وذلك أن على بن أبى طالب لما ولى الخلافة ، عزل خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة عن مكة ، وولاها أبا قتادة الأنصارى ، ثم عزله ، وولى قثم بن العباس ، فلم يزل واليا عليها ، حتى قتل على بن أبى طالب رضى الله عنه. هذا قول خليفة. انتهى.
ورأيت فى تاريخ ابن الأثير : أن قثم بن العباس ، كان عامل على بن أبى طالب رضى الله عنه على مكة والطائف ، وأنه كان عاملا على مكة فى سنة ثمان وثلاثين ، وحج بالناس فيها ، وأنه كان عامل علىّ رضى الله عنه على مكة ، وأن معاوية بن أبى سفيان فى هذه السنة ، لما بويع بالشام ، بعد مبايعة على رضى الله عنه ، بعث إلى مكة فى سنة تسع وثلاثين من الهجرة ، يزيد بن سخبرة الرهاوى ، فى ثلاثة آلاف فارس ، ليقيم الحج للناس بمكة ، ويأخذ له البيعة بها ، وينفى عنها عامل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ، ولما علم قثم بن العباس ، وهو عامل على رضى الله عنه على مكة ، بمسير يزيد بن سخبرة ، خطب الناس وعرّفهم مسير الشاميين ، ودعاهم إلى غزوهم ، فلم يجيبوه بشىء ، وأجابه شيبة بن عثمان العبد رى بالسمع والطاعة ، فعزم قثم على مفارقة مكة ، واللحاق ببعض شعابها ، ومكاتبة أمير المؤمنين بالخبر ، فإن أمدّه بالجيوش ، قاتل الشاميين ، فنهاه أبو سعيد الخدرى عن مفارقة مكة ، وقال : أقم ، فإن رأيت منهم القتال وبك قوة ، فاعمل برأيك ، وإلا فالمسير عنها أمامك ، فأقام وقدم الشاميون ، فلم يعرضوا لقتال أحد.
وأرسل قثم إلى أمير المؤمنين يخبره ، فسيّر جيشا فيهم الريان بن ضمرة بن هوذة بن على الحنفى ، وأبو الطفيل ، أول ذى الحجة ، وكان قدوم يزيد بن سخبرة ، قبل التروية بيومين ، فنادى فى الناس : أنتم آمنون ، إلا من تعرض لقتالنا أو نازعنا ، واستدعى أبا سعيد الخدرى ، وقال له : إنى لا أريد الإلحاد فى الحرم ، ولو شئت لفعلت ، لما فيه أميركم من الضعف ، فقل له يعتزل الصلاة بالناس ، وأعتزلها أنا ، ويختار الناس من فصلى بهم فقال أبو سعيد لقثم ذلك ، فاعتزل الناس ، واختار الناس شيبة بن عثمان ، فصلى بهم وحج بهم ، فلما قضى الناس حجهم ، سار يزيد إلى الشام ، وأقبل خيل على ، فأخبروهم بعود أهل الشام ، فتبعوهم إلى وادى القرى ، وظفروا بنفر منهم ، فأخذوهم أسارى ، وأخذوا ما معهم ، ورجعوا بهم إلى أمير المؤمنين ، ففادى بهم أسارى كانت لهم عند معاوية. انتهى من تاريخ ابن الأثير ، وغيره.
وذكر الزبير بن بكار : أن على بن أبى طالب رضى الله عنه ، استعمل قثم على المدينة ، ولم يذكر استعماله على مكة ، فالله أعلم. قال : وكان يشبّه بالنبى صلىاللهعليهوسلم ، ومر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو يلعب ، فحمله خلفه.