وسمع بالقاهرة من أبى المعالى الأبرقوهى : جزء ابن الطلاية ، وعلى محمد بن الحسين الفوى : الخلعيات عن ابن عماد ، وعلى الحافظ شرف الدين الدمياطى [....](٢) وجماعة بعد ذلك بطلبه من مصر ، والإسكندرية ، ودمشق ، مكة. وشيوخه بالسماع والإجازة ، يزيدون على ألف وثلاثمائة شيخ ، وأخذ الفقه عن الشيخ جمال الدين بن الوجيزى ، والأصلين عن الشيخ علاء الدين الباجى ، والعربية عن الشيخ أبى حيان.
وأفتى ، ودرس بأماكن ، منها : الزاوية المعروفة بالخشابية بمصر ، ودرس الحديث والفقه بجامع ابن طولون ، ودار الحديث الكاملية وغيرها. وصنف شرحا على «المنهاج» لم يكمله ، والمناسك على المذاهب الأربعة فى مجلدين ، والمناسك الصغرى ، وتخريج أحاديث الرافعى ، ولم يبيضه ، وسيرة كبرى وصغرى ، وغير ذلك. وله نظم ، وما زال يكتب ويسمع ، ويشتغل ويصنف ، حتى توفى.
وولى قضاء الديار المصرية فى حياة شيوخه ، بعد عزل الجلال القزوينى ، فى ثامن جمادى الآخر سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ، وسار فيه سيرة حسنة. واستمر حتى عزل فى سنة تسع وخمسين بابن عقيل ، ثم أعيد بعد ثمانين يوما ، ثم أعرض عن ذلك. فثقلوا عليه بالعود ، بحيث إن يبلغا مدبر الدولة بالقاهرة ، حضر إلى منزله وبالغ فى سؤاله فى العود ، فأبى وصمم على المنع. فسئل فى تعيين قاض عوضه ، فقال : لا أتقلد. ويقال : إنه أشار إلى أبى البقاء السبكى ، فولى عوضه. وكان ذلك فى جمادى الأولى من سنة ست وستين ، وتوجه إلى الحجاز ، فحج وزار المدينة النبوية ، ثم عاد إلى مكة. فتوفى بعد ثلاثة عشر يوما ، وذلك فى يوم الاثنين حادى عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستين ، ودفن ـ يومئذ ـ بالمعلاة ، بجوار الفضيل بن عياض.
وكان سعيد الحركات ، متين الديانة ، كثير العبادة. له وقع فى النفوس ، معظما عند الخاصة والعامة ، بحيث بلغ من أمره ، أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، أغدق الولايات فى الممالك بمن يعينه ، وهو مع ذلك مطرح الجانب.
وذكره الإسنائى فى طبقاته وأثنى عليه ، وذكر من حاله أشياء لم يذكرها غيره ، ونص ما ذكره ، بعد أن ذكر ترجمة لوالده القاضى بدر الدين بن جماعة :
«وأما ولده القضاة عز الدين عبد العزيز ، فإنه ولد بدمشق بقاعة العادلية فى شهر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة ، ونشأ فى العلم والدين ومحبة أهل الخير. ودرس وأفتى ،
__________________
(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.