وذلك لأنه أول محل الأنصاب فى بطن الوادى ، وكان ذلك الميل موضوعا على بناء ثم على الأرض فى الموضع الذى يشرع منه ابتداء السعى ، وكل السيل يهدمه ويحطه فرفعوه إلى ركن المسجد ولم يجدوا أقرب من ذلك الركن ، فوقع متأخرا عن محل ابتداء السعى ستة أذرع انتهى ، وذكر سليمان بن خليل نحو ذلك بالمعنى وسبقهما إلى نحو ذلك إمام الحرمين أبو المعالى الجوينى رحمهمالله تعالى ، ولم يذكر الأزرقى هذا التغيير مع كونه ذكر أن بالمنارة المشار إليها علم المسعى ، ويبعد أن يخفى عليه هذا التغيير وكذا سببه لكثرة عنايته بهذا الشأن والله أعلم ، ومقتضى ما ذكره من هذا التعبير أن الساعى إذا قصد الصفا من المروة لا يزال يهرول حتى يجاوز هذين الميلين بنحو ستة أذرع لأجل العلة التى شرع لأجلها الإسراع فى التوجه إلى المروة والله أعلم ، انتهى المقصود منه. وأما حد المسجد الشريف زمن الخليل فقد أخرج الأزرقى بسنده إلى أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال : إنا لنجد فى كتاب الله أن حد المسجد الحرام من الخرورة إلى المسعى. وأخرج أيضا بسنده إلى عمرو بن العاص رضى الله عنه أنه قال : إنا لنجد فى كتاب الله أن حد المسجد الحرام الذى وضعه إبراهيم صلىاللهعليهوسلم من الخرورة إلى المسعى إلى مخرج سيل أجياد ، ثم قال والمهدى وضع المسجد على المسعى ، انتهى. أى فالمهدى أخرج عن أساس الخليل وزاد المسعى وقد تقدم ما فيه وعندى فى ذلك شبهة ؛ لأن هذا يقتضى أن الخليل بنى أسسا للمسجد على هذه الحدود ومقتضاه أن يكون بنى عليها ليكون محوطا ، والذى يظهر أن الخليل لم يبن إلا البيت الشريف فقط ؛ ولهذا كان المسجد زمن النبى صلىاللهعليهوسلم هو المطاف ولم يكن محوطا ، ولو كان المسجد مؤسسا على هذه الحدود زمن الخليل صلىاللهعليهوسلم لكان بناء الدور فى داخله ممتنعا فكيف أقرهم صلىاللهعليهوسلم على بقائها؟ وسيدنا عمر رضى الله عنه إنما تمسك فى هدم ما زاده فى المسجد فى الدور بأنها فى فناء الكعبة لا بأنها فى المسجد ، ثم رأيت الإمام البلقينى ذكر فى فتاويه رواية الأزرقى هذه فقال : وهذا المسجد الحرام فيه شىء من تأسيس أبينا إبراهيم صلىاللهعليهوسلم يدل على ذلك ما ذكره الأزرقى فى تاريخ مكة فى ترجمة ما جاء فى المسجد الحرام وفضله وفضل الصلاة فيه من الأخبار ، فأسند من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : أساس المسجد الحرام الذى وضعه إبراهيم صلىاللهعليهوسلم من