وأما وقت حدوث صلاة الأئمة المذكورين على الكيفية المتقدمة ، فقال الفاسى رحمهالله تعالى : لم أعرفه تحقيقا ، ثم نقل ما يدل على أن الحنفى والمالكى كانا موجودين مع أن الشافعى فى سنة سبع وتسعين بتقديم السين فى الكلمة الأولى والتاء فى الثانية وأربعمائة ، وأن الحنبلى لم يكن موجودا فى ذلك الوقت ، وإنما كان إمام الزيدية ، ثم قال : ووجدت ما يدل على أن إمام الحنابلة كان موجودا فى عشر الأربعين وخمسمائة والله أعلم.
وأما بيان محل المقامات المذكورة فى المسجد الحرام ، فإن مقام الشافعى خلف مقام الخليل ولكن ما يصلى إمام الشافعى إلا فى مقام الخليل قديما وحديثا ، ومقام الحنفى بين الركنين الشامى ويسمى بالعراقى أيضا والغربى عن يمين مقام الخليل فى جهة الشام تجاه جدار الكعبة الذى فى الميزاب قريب من حاشية المطاف ، ومقام المالكى بين الركنين الغربى واليمانى قريب من الحاشية ، ومقام الحنبلى تجاه الحجر الأسود وقربه من المطاف كقرب مقام الحنفى.
وأما حكم صلاة الأئمة الثلاثة الحنفى والمالكى والحنبلى فى الفرائض على الصفة التى يصنعونها فاختلفت فيها آراء العلماء المالكيين ؛ لأن الشيخ الإمام أبا القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الجباب المالكى أفتى فى سنة خمسين وخمسمائة بمنع الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة بحرم الله الشريف ، وعدم جوازها على مذاهب علماء الأربعة ، ثم إن بعض الناس استفتى فى ذلك بعض علماء الإسكندرية فأفتوا بخلاف ما رآه ابن الجباب ، والذى أفتى بذلك شداد بن المقدم وعبد السلام بن عتق والشيخ أبو الظاهر ابن عوف والزهرى ، ولما وقف ابن الجباب على فتاويهم أملا فى الرد عليهم أشياء كثيرة حسنة ، ونقل إنكار ذلك عن جماعة من الشافعية والحنفية والمالكية حضروا الموسم بمكة فى سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، منهم هذه القطارى من الشافعية ، والشريف القرنوى من الحنفية ، وعمر المقدسى من المالكية وغيرهم ، وقد ذكرناهم فى أصل هذا الكتاب.
وأما وقت حدوثهم فلم أعرفه تحقيقا ورأيت ما يدل على أن الحنفى والمالكى كانا موجودين فى سنة سبع وتسعين وأربعمائة ، وأن الحنبلى لم يكن فيها موجودا ووجدت ما يدل عليه أنه كان موجودا فى عشر الأربعين وخمسمائة ، وقد ذكرت ذلك فى أصل هذا الكتاب والله أعلم.