أبلغهم ذلك ، وفى مسلم وغيره أحاديث تدل على أن فتح مكة عنوة ذكرناها فى أصل هذا الكتاب مع بيان وجه الدلالة منها على ذلك ، ومن أصرح الأخبار الدالة على ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم فى خطبته بمكة يوم فتحها : يا معشر قريش ما ترون أنى فاعل فيكم ، قالوا : خيرا أخ كريم ، وابن أخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء. وهذه الخطبة فى السيرة لابن إسحاق تهذيب ابن هشام ، ويظهر الدلالة من ذلك على أن فتح مكة عنوة ببيان معنى قوله عليهالسلام : «أنتم الطلقاء» ومعنى ذلك المطلقون من الاسترقاق أشار إلى ذلك ابن الأثير فى نهاية الغريب له لأن فيها قال حديث حنين ومعه الطلقاء الذين خلا عنهم يوم فتح مكة أطلقهم ولم يسترقهم ، وأحدهم طليق فعيل بمعنى مفعول وهو الأسير إذا أطلق سبيله ، ومنه الحديث الطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف ، كأنه ميز قريشا بهذا الاسم حيث هو أحسن من العتقاء انتهى. وإذا كان هذا معنى الطلقاء فخطاب النبى صلىاللهعليهوسلم لقريش بهذا الخطاب يقتضى أنهم كانوا حين خوطبوا بذلك فى الأسر المقتضى للاسترقاق لو لا أن النبى صلىاللهعليهوسلم تفضل عليهم بالإطلاق ، ولو لا ذلك لم يكن لاستعلاق قريشا يتوقعونه منه محل ، كما لا محل لخطاب قريش بذلك بعد تأمينهم ، ويبعد الانفصال عن هذا الدليل بجواب شاف إلا أن يقال أنه مرسل والمرسل لا يحتج به ، ولو سلم ذلك فالدلالة على أن فتح مكة عنوة ناهضة من غيره من الدلائل التى ذكرناها والله أعلم ، وقد حاول الشيخ محيي الدين النووى رحمهالله الجواب عما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه من الألفاظ الدالة على أن فتح مكة عنوه ، وحاول أيضا الجواب عن حديث أم هانىء فى استئمانها النبى صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة لحموين لها أراد أخوها على رضى الله عنه قتلهما ، فإن إرادة على قتلهما يقتضى عدم وقوع الصلح ، فإنه لو وقع لما أقدم على قتل من دخل فى الأمان ولما خفى عليه ذلك ، وفيما حاوله من الجواب ، وهذا من النووى تأييد لقول الشافعى رضى الله عنه أن مكة فتحت صلحا ، وفى شرح مسلم للقاضى عياض والماوردى ما يقتضى أنه تفرد بذلك ، ولم ينفرد به لموافقة مجاهد وغيره له على ذلك على ما وجد بخط سليمان بن خليل المكى إمام المقام الشريف فى حاشية المهذب نقلهما عن الشامل ولم يقل فيها لابن الصباغ