دحاها من تحت الكعبة فجعلها فى وسط الأرض ولكن يعارضه ذكره فى تاريخ بيت المقدس ونقله أيضا فى الخميس أن عبد الله بن سلام قال (للنبى) صلىاللهعليهوسلم لما تلا عليه قوله تعالى : (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) ولم سماه أقصى لأنه وسط الأرض لا يزيد شيئا ، ولا ينقص قال : صدقت انتهى.
وأما الجواب عن قوله وأن الأرض هل دحيت من تحته فقد تقدم ذلك فى رواية أبى هريرة ومثله فى المدارك وغيره قال : فذلك قوله تعالى (كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) والرتق الالتزاق ولكن روى عن الحسن ما يخالف ذلك وهو أنه قال : إن الله خلق الأرض فى موضع بيت المقدس كهيئة الفهر عليها وكان ظلمان ملتصق بها ثم أصعد منها الدخان ، وخلق منه السموات وأمسك الفهر فى موضعه ، وبسط الأرض منه ، وفى تاريخ بيت المقدس أن الأرض بسطت من الصخرة ومنها تطوى ، وفيه أيضا عن كعب قال إن فى التورية يقول الله لصخرة بيت المقدس «أنت عرشى الأدنى منك ارتفعت إلى السماء ومن تحتك بسطت الأرض وكل ما يسيل من ذروة الجبال من تحتك».
وأما الجواب عن قول وهل ارتفاع مكة من الأرض إلى السماء إلخ؟
فهو أنه روى كعب الأحبار رضى الله عنه أنه قال فى قوله تعالى : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)(١) أنه ينادى من بيت المقدس من الصخرة وهى أوسط الأرض وهى أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا. انتهى ، قال الحافظ ابن حجر فى شرح البخارى : وفيه نظر ولم يبينه ولعل وجهه ما روى عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنها قالت : «لو لا الهجرة لسكنت مكة إنى لم أرى السماء بمكان أقرب إلى الأرض منها بمكة ولم يطمئن قلبه ببلد قط ما اطمأن بمكة ولم أر القمر بمكان قط أحسن منه بمكة أخرجه الأزرقى فإن رواية عائشة رضى الله عنها ثم رأيت فى كتاب الزركشى (٢) أعلام الساجد بأحكام المساجد نقلا عن القشيرى أنه قال فى تفسير الآية المتقدمة ينادى المنادى وهو صاحب الصور من الصخرة من أعلا بيت المقدس وهى أقرب إلى الأرض إثنى عشر ميلا. انتهى فقوله : «أقرب إلى الأرض» عكس قول : «كعب أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا» فليتأمل.
__________________
(١) سورة ق آية : ٤١.
(٢) ص ٩٥.