فائدة : ذكر الزركشى أيضا فى كتابه المذكور ما نصه الصخرة فى المسجد الأقصى كالحجر الأسود ، ولما فدى إسماعيل بالكبش ذبحه إبراهيم ـ عليهالسلام عليها ـ فاختار الله تعالى ذلك الموضع لقربان خليله عليهالسلام ، ومن عليه بفداء ابنه فهو محل الرحمة. انتهى المقصود منه.
وهذا فى غاية الغرابة فإن الفداء وقع بأرض الحجاز ، فأين الصخرة؟ فليراجع وفى تاريخ بيت المقدس حديث من رواية على بن أبى طالب رفعه للنبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «سيد البقاع بيت المقدس» وقال ابن عبادة : «صخرة بيت المقدس من صخور الجنة الكعبة بإزاء البيت المعمور والجنة فى السماء السابعة بإزاء بيت المقدس لو وقع منها حجر لوقع على الصخرة» ثم قال : «إن صخرة بيت المقدس من عجائب الله فى أرضه وإنها صخرة فى وسط المسجد انقطعت من كل جهة لا يمسكها إلا الله الذى يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه» فيعلم من كلامه آخرا أن المراد بكونها من صخور الجنة أنها تعاد إلى الجنة لا أنها نزلت منها ، فإن ذلك ينافى قوله صخرة انقطعت من كل جهة فإنه صريح فى انفصالها بما تحتها ، وسيأتى أنها تكون مع الكعبة فى الجنة. فتأمل.
وأما الجواب عن قوله وهل تجاه الكعبة باب من السماء فهو أن العلماء ذكروا فى الحكمة فى إسرائه صلىاللهعليهوسلم من مكة إلى بيت المقدس ثم العروج منه إلى السماء أنه ليحصل له العروج مستويا من غير تعويج ، لما روى عن كعب أن باب السماء الذى يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس قال : وهو أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا ، قال الحافظ ابن حجر فى شرح البخارى : «وفيه نظر لورود أن فى كل سماء بيتا معمورا وأن الذى فى السماء الدنيا حيال الكعبة وعليه فكان يمكن أن يصعد من مكة إلى سماء الدنيا إلى البيت المعمور». انتهى واعترض عليه بأنه إنما يتم ما قاله لو كان فى جهة البيت المحاذى للكعبة باب يخلص منه إلى السماء ولا يلزم من وجود بيت هناك بداخل السماء أن يكون هناك باب يتأتى منه ذلك لكن ذكروا أن من الحكم فى مجىء الملك له من جهة السقف دون الباب أنه انصب عليه من السماء انصبابة واحدة بإزاء محله الذى هو فيه فلم يعرج على غيره مبالغة فى المفاجأة فقوله بإزاء محله يشعر بأن هناك