بابا فى السماء بإزاء محله صلىاللهعليهوسلم وعليه فتوجه ما نظر به الحافظ ، وقد يقال لا يلزم ذلك لإمكان فرج السماء للملك كما فرج عليه سقف بيته ثم أعيد وكما شق صدره الشريف ثم أعيد. والقدرة صالحة لذلك فتأمل ، ثم رأيت فى تاريخ (١) بيت المقدس أنه روى عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن لله تعالى بابا مفتوحا من سماء الدنيا نحو بيت المقدس ، ينزل منه كل يوم سبعون ألف ملك يستغفرون لمن أتى بيت المقدس فصلى فيه».
أما الجواب عن قوله وهل محل البيت خلق قبل السماء إلى آخره؟
فنقول الكلام على ذلك يستدعى الكلام على مبدأ أمر الكعبة الشريفة فنقول قال الله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ)(٢) الآية وقال المحققون. الأول هو الفرد السابق فإذا قال : أول عبد اشتريته فهو حر فلو اشترى عبدين فى المرة الأولى لم يعتق واحدا منهما لأن الأول هو الفرد ثم لو اشترى فى المرة الثانية عبدا واحدا لم يعتق لأن شرط الأول كونه سابقا فثبت أن الأول هو الفرد السابق وقال النووى فى تهذيب الأسماء : إذا عرفت هذا فنقول إن قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) لا يدل على أنه أول بيت ما خلقه الله تعالى ولا أنه أول بيت بنى مطلقا كما روى عن على ـ رضى الله عنه ـ أنه سأله رجل عن قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) الآية أهو أول بيت بنى فى الأرض؟ ، قال : لا كان نوح قبله وكان فى البيوت ، وكان إبراهيم قبله وكان فى البيوت ولكنه أول بيت وضع فيه البركة والهدى ، ومن دخله كان آمنا ، قال الزركشى : فبين على ـ رضى الله عنه ـ أن الوضع خلاف البناء ومحصوله أن آل فى الناس للاستغراق ، فهو أول بيت وضع لجميع الناس فيه الصفات المذكورة بخلاف باقى البيوت ، فإن كل واحد منها ليس لجميع الناس بالصفة المذكورة بل كل واحد منها مختصا بصاحبه مع عدم حصول تلك الصفات فيه ، وكل البيت مشتركا فيه بين كل الناس لا يحصل إلا إذا كان البيت موضع الطاعات والعبادات وقبلة لجميع الخلق فدل ذلك على أن البيت وضعه
__________________
(١) انظر الأنس الجليل فى تاريخ مدينة الخليل ١ / ١٠٢.
(٢) البقرة الآية.