عن آيتى البقرة وحم فصلت بقوله فى آية البقرة ثم لقلة التفاوت ما بين الخلقتين وفضل خلق السماء قبل خلق الأرض كقوله «ثم كان من الذين آمنوا لا للتراخى فى الوقت فانه يخالف ظاهر قوله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) فإنه يدل على تأخر دحو الأرض المتقدم ، على خلق ما فيها ، عن خلق السماء وتسويتها إلا أن يستأنف بدحاها النصب ، الأرض فعلا آخر دل عليه «أأنتم أشد خلقا قبل تعرف الأرض وتدبر أمرها بعد ذلك لكنه خلاف الظاهر». انتهى وبقوله فى آية حم فصلت والظاهر أن ثم لتفاوت ما بين الخلقين ، لا للتراخى فى المدة لقوله : والأرض بعد ذلك دحاها «ودحوها متقدم على خلق الجبال من فوقها : انتهى وقد أثار لرد كلام الزمخشرى فى الجمع بين آية النازعات وآيتى البقرة وحم وفصلت ، وقد نبغ فى ذلك الرد الإمام حيث قال : هذا الجمع الذى جمع به صاحب الكشاف وهو تقدم خلق جرم الأرض على السماء ، وتأخر دحو الأرض الآية يدل على تأخر خلق السماء فى خلق ما فى الأرض المتأخر عن دحوها ، قال المحقق التفتازانى : وذلك لا قائم يدل على تأخر خلق السماء على الأرض ما فى الأرض من عجائب الصنع حتى أسباب اللذات والآلام ، وأنواع الحيوانات ، حتى الهوام لأن مجرد خلق جرم الأرض. انتهى قال الكازرونى : «وفيه نظر لأن خلق ما فى الأرض ليس المراد من خلق جميع أفراده وهو بل المراد فى ضمن بعض الأفراد وهذا لا يستلزم أن يكون بعد دحو الأرض ، بل لعله قبل دحوها أى بسطها هذا البسط المشاهد فإنه يمكن أن يكون خلق الأرض وخلق جميع أجناس ما فيها ثم دحيت الدحو المحسوس ، فلا يستفاد من آية البقرة تقدم دحو الأرض على خلق السماء وتسويتها حتى يكون منافيا لقوله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها). انتهى وحاصله أن يجوز أن يخلق الله فى جرم صغير فردا من كل نوع مما فى الأرض فى غاية الصغر مثل الجزء الذى لا يتجزأ كما قال به جمع ليفيد أخذ الميثاق من ذرية آدم عليهالسلام وإخراجهم من ظهره فخلق الأرض على هيئة الفهر ، ثم خلق من كل نوع فزاد ثم خلق السموات وسواها ثم دحا الأرض ومن تأمل مصنوعاته لم يستبعد