وأما تخصيص ذلك بالعدد المعين ، فأمر استأثر بعلم ما يقتضيه علام الغيوب جلت حكمته ، وأشار ابن عادل إلى ذلك فى سورة الأعراف ، حيث قال : السؤال السابع ما الحكمة فى تقييدها بالأيام الستة؟ والجواب أن هذا السؤال غير وارد لأنه تعالى لو أحدثه فى مقدار آخر من ذلك لعاد ذلك السؤال وقال أيضا : السؤال السادس أنه تعالى قال : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) وهو كالمناقض لقوله لخلق السموات والأرض فى مدة متراخية ، وجوابه إن قوله : «وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر» محمول على إيجاد كل واحد من الذوات وعلى إعدامه لأن إيجاد الموجود الواحد لا يقبل التفاوت فلا يمكن تحصيله إلا دفعة وأما الإمهال فلا يجعل إلا فى المدة. انتهى. ولعل حاصل الجواب أن التدريج بالنظر إلى خلق المجموع الذى هو السموات وما فيها ، والأرضون وما فيها ، وبنظر المفهوم فى الآية الثانية فالنظر إلى كل واحد. ومعنى قوله : «وأما الإمهال فلا يحصل إلا فى المدة» أن التأخير إنما هو فى المدة التى ينتهى إليها لإيجاد وأما نفس الإيجاد فلا تدريج فيه وعبارة القاضى فى تفسير قوله تعالى (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) فى مقدار يومين ، أو نوبتين وخلق فى كل نوبة ما خلق فى اسرع ما يكون. انتهى. بقى بحث آخر : وهو أن صريح كلام المفسرين أن الستة أيام ظرف لخلق السموات وما فيها والأرض وما فيها وأن خلق السموات وما فيها فى يومين منها ، وخلق الأرض وما فيها فى أربعة منها وهذا يخالفه خبر مسلم عن أبى هريرة قال : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدى فقال خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال فى يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الإثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة ، فى آخر الخلق فى آخر ساعة من النهار فيما بين العصر إلى الليل ، فهذا الحديث يدل على أن الستة أيام ظرف لخلق الأرض ، وما فيها فقط وأن من جملة ذلك خلق آدم فيكون من مخلوقات الأرض ، وسيأتى ما يقتضى أنه من مخلوقات السماء ، فى بعض الروايات وذلك لأنه لم يصرح فيه باليومين اللذين خلق فبيّنا السماء وما فيها فنيا فى صريح الآية أنها ظرف لخلق السموات والأرض وما فيهما جميعا