هذه التضاريس لإحاطة الماء بها من جميع جوانبها ، وعمرها بحيث لا يظهر منها فحينئذ تبطل الحكمة المودعة فى المعادن والنبات والحيوان فسبحان من لا يعلم أسرار حكمته إلا هو. وأما سطحها الظاهر الماس للهواء من جميع الجهات فإنه فوق الهواء ، فوق الأرض محيط بها من سائر الجهات ، وفوق الهواء الأفلاك المذكورة فيما تقدم واحد فوق واحد إلى الفلك التاسع الذى هو أعلى الأفلاك ونهاية المخلوقات بأسرها انتهى واعلم أنه جرى خلاف فى أول شيء خلقه الله تعالى فقال ابن عباس رضى الله عنهما : أول ما خلق الله تعالى جوهرة طولها وعرضها مسيرة الف سنة فى مسيرة عشرة الآف سنة فنظر الله تعالى إليها بالهيبة فذابت واضطربت ، ثم ثار منها دخان فارتفع واجتمع ذلك فقام فوق الماء فجعل الزبد أرضا والدخان سماء ، قالوا فالسماء من دخان خلقت وبريح ارتفعت وبإشارة ترقرقت وبلا عمد قامت ، وبنفخة انكسرت. انتهى. واختاره صاحب الكشاف وأخذ من تقدم خلق الأرض على خلق السماء على ما تقدم وقال. النيسابورى : قال بعضهم : أول ما خلق الله تعالى زمرده خضراء ويقال اللوح المحفوظ والقلم ويقال الوقت والزمان ويقال العرش والكرسى ويقال خلق أول عاقلا لأنه أراد أن ينتفع بعقله غيره ، ويقال خلق جوهرا متغيرا من الألوان والطباع والهيئات ثم خلق الهيئات فركبها من الطباع والألوان فصارت بسيطة مؤلفة مطبوعة ، ويقال خلق نقطة ثم نظر إليها بالهيبة فتضحضحت وتمايلت فضربها تعالى ألفا وجاء عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال : لما أراد الله أن يخلق الأشياء إذ كان عرشه على الماء وإذ لا أرض ولا سماء خلق الريح فسلطها على الماء حتى اضطربت أمواجه ، وأثار ركامه ، فأخرج من الماء دخانا وطينا وزبدا ، فأمر الدخان فعلا وسما ، فخلق منه السموات وخلق من الطين الأرضين وخلق من الزبد الجبال ، ووقع فى كلام الغزالى أن أول ما خلق الله العقل ، وهذا ورد بإسنادين ضعيفين كما قال الحافظ العراقى فى تخريج الاحاديث الأحياء لكن تضمن كلام الغزالى تسميته قلما وقد روى أحمد والترمذى وصححه من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا «أول ما خلق الله القلم ثم قال له : اكتب فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة» وإن كان المراد بالقلم ذلك وإنه المسمى بالعقل كما اشتمل