ينتظرون فناء ما عنده فكان لا ينفق منه إلا ما يمسك الرصف فيقول : نفوس أصحابى قوته ما لم يعن فلما كان قبيل مقتله تفرق الناس عنه وخرجوا إلى الحجاج بالأمان فخرج من عنده نحو عشرة آلاف وكان ممن فارقه أبناؤه حمزة وخبيب أخذا لأنفسهما أمانا وقال عبد الله لابنه الزبير : خذ لنفسك أمانا كما فعل أخواك فو الله أنى لأحب بقائكم فقال : ما كنت لأرغب بنفسى عنك نقتل معه قال ولما كان فى الليلة التى قتل فيها عبد الله فى صحبتها جمع قريشا فقال لهم ما تأمرون فقال رجل من بنى مخزوم : والله بيدنا قاتلنا معك حتى ما نجد مقتلا والله لئن سرنا معك ما نريد على أن نموت وإنما هى إحدى خصلتين أما إن تأذن لنا فنأخذ الأمان لأنفسنا أو لك وأما أن تأذن لنا فنخرج فقال له رجل : اكتب إلى عبد الملك فقال : كيف أكتب من عبد الله أمير المؤمنين إلى عبد الملك بن مروان فو الله لا يقبل هذا أبدا أو اكتب لعبد الله أمير المؤمنين مروان من عبد الله بن الزبير والله لئن تقع الخضراء على الغبراء أهون على من ذلك ؛ فقال له عروة : وهو جالس معه على السرير قد جعل الله لك أسوة فى الحسن بن علي خلع نفسه وبايع معاوية فركضه برجله رماه عن السرير وقال : قلبى إذا مثل قلبك والله لو قلتما ما عشت إلا قليلا وأن أضرب بسيف فى عز خير من أن ألطم من ذل ، فلما أصبح دخل على امرأته أم هاشم فقال : اصنعى لى طعاما فلما صنعته وأتت به لاك منه لقمة ثم لفظها وقال : اسقولى لبنا فسقاه ثم اغتسل وتطيب وتحنط ودخل على أمه فقال يا أماه قد خذلنى الناس حتى دل وأهل ولم يبق معى إلا اليسير والقوم يعطوننى ما أردت من الدنيا فما رأيك قالت له : أنت أعلم بنفسك إن كنت على حق وأنت تدعو إليه فامض له فقد ضل عليه أصحابك ولا تمكن من نفسك تلعب بك غلمان بنى أمية وأن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت ، أهلكت نفسك ومن قتل معك ، وإن قتلت كنت على حق فلما وهن أصحابى ضعفت فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين ، كم خلودك فى الدنيا؟ القتل أحسن فقال : يا أماه أخاف إن قتلنى أهل الشام أن يمثلوا بى ويصلبونى فقالت ، يا بنى إن الشاة لا تألم السلخ بعد الذبح فامض على بصيرتك واستعن بالله فقبل رأسها وقال : هذا رأيى والذى خرجت