والمغمس المحصب الذى أصابهم فيه العذاب ومن ذلك قول نفيل بن جبيت حين طلبوا منه أن يدلهم على الطريق على البحر ذارى فأنزل بهم فأنشده
أين المفر والإله الطالب |
|
والأشرم المغلوب ليس الغالب |
ورأيته فى المرآة عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنها قالت : رأيت قائد الفيل وسايسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان من الناس. انتهى فانظره مع ما تقدم عن أن الله تعالى أهلك الجميع ولم ينج إلا الفيل محمود لامتناعه عن دخول الحرم رأيت سيرة الشامى من عطاء بن يشار عمن كلم قائد الفيل ، وسأله فذكر له القصة إلى أن قال : نقلت بخا غيركما فقال : نعم ليس كلهم أصابه العذاب إلخ فهذا يصح رواية عائشة ـ رضى الله عنها ـ وقد ذكر الله هذه القصة فى سورة الفيل واقتحمها بالم ترجح أنها قبل مبعثه بل قبل ولادته إشارة إلى أن المراد من الروية العلم والتذكير وأن الخبر بذلك متواتر فكان العلم بذلك ضروريا متساويا للعلم الحاصل بالرؤية البصرية وقد دلت هذه القصة على ما غايات شرف نبيا فإنها كانت إرهاصا وتأسيسا لنبوته ، والإرهاص يجوز تقديمه على زمن النبوة تأسيسا كما فى تظليل الغمام والشجر ، والملكية بل جاء أن الشجر والحجارة قرب مبعثه صلىاللهعليهوسلم كان لا يمرضها شىء إلا سلم عليه سلاما يسمعه بأدنه وعلى شرف قومه وحماية الله لهم ، ولذا دانت العرب لشرفهم ولعلمهم بأن أبرهة لا قدرة للعرب بأسرهم على قتاله فإذا تولى الله نصرتهم عليه دل ذلك على عظيم اعتناء الله بهم وحيث كان ذلك إرهاصا فلا يضر تقدمه على زمان البعثة بخلاف المعجزة ، لكن قال الإمام الرازى : ومذهبنا أنه يجوز تقديم المعجزة على زمان البعثة تأسيسا قال : ولذلك قالوا : كانت الغمامة تظله عليه الصلاة والسلام يعنى قبل البعثة وخالفه السيد فى شرح المواقف تبعا لغيره واشترط فى المعجزة أن لا تقدم على الدعوى بل تكون متقارنة لها كما حقق فى محله وحيث كان هلاك أصحاب الفيل أرهاصا لولادة نبينا صلىاللهعليهوسلم فهو تشريف له ولبلده الشريف إلا فأصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كتاب وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه أهل مكة لأنهم كانوا يعبدون الأصنام فنصرهم الله تعالى نصرا لا صنع للبشر فيه ولسان حال القدر يقول : لم ننصركم يا معشر قريش على الحبشة لخير فيكم عليهم ، ولكن صيانة للبيت العتيق الذى سنشرفه