ولقد اتانا من مقال نبينا |
|
قول صحيح صادق لا يكذب |
لا يستوى وغبار خيل الله فى |
|
أنف أمرئ ودخان نار تلهب |
هذا كتاب الله ينطق بيننا |
|
ليس الشهيد بميت لا يكذب |
فلما قرأ الفضيل كتابه ذرفت عيناه ، ثم قال : صدق أبو عبد الرحمن ونصحنى وهذه الأبيات أنشد فيها ولدى عبد الوهاب من حفظه عن تاريخ ابن عساكر ونقلتها منه ، فإن كنت أيها السائل تتخلق بخصلة واحدة من خصال هذين الرجلين فقد سمعت الجواب وإلا فأسأل ربك من خير ما عنده ، وابك على خطيئتك وادع الله لى ولك ولأمثالنا * من المقصرين واعلم أن جميع ما ذكرناه فى المرابطة يأتى مثله فى المشتغل بالعلم ، والمعلم له إذا لم يتأن له مثلهما بمكة وفيمن هو مشتغل ببر أحد والديه ، أو كليهما ، أو بأمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، أو مصلحة من مصالح المسلمين ، يعظم وقعها فى الدين لا يتأتى له مثلها بمكة كما شغل أويسنا القرنى بره بأمه عن رؤيته وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم التى لا شىء بعد الإسلام أعظم منها ، أن المقصود بالذات من العبادة وعبادة الله تعالى فالمطلوب من المجاور هو المقصود بذاته واما الجهاد والرباط فمقصود بطريق الوسيلة لأنه يتوصل به إلى عبادة أكثر من الشخص الواحد ، وإعلاء لكمة الله ، وإعزاز دينه ونصرة رسله ، وكم من واحد يهتدى به نحو عباده فى نفسه ، ويتوسل به إلى ما لا يحصى من العبادات ، وكذلك العدل ، ونحوه فلذلك فضل عن المجاور اختلف فيها فكرهها بعض العلماء والذين لم يكرهوها لم يقولوا أنها مطلوبة فلم يجىء عن النبى صلىاللهعليهوسلم أمر بها ولا فعل دال عليها ، والعلم كذلك مقصود فى نفسه فيما يتعلق بمعرفة الله تعالى صفاته وأسماؤه ووسيله إلى غيره لما يهتدى به وهو الذى يعتمده المجاهدون والعباد ففضله على الجهاد كفضل الجهاد على العبادة ، وفضلهما على العبادة بالعرض ، لا بالذات ، والمفضل بالذات هو العبادة ، وسرها وتفضيلها للوصول ، بها إلى الله الملك الحق فهو المقصود كله لا إله إلا هو وكل ما سواه عدم ومن وجده وجد كل شىء ومن فاته لم يحصل على شىء ، والتعب فى رضاه راحة وفيما سواه باطل.