كالفقير الصابر ، بالنسبة إلى الغنى الشاكر وقد أجرى الله عادته ، وقسم الخير فى عبادة من انقسامهم إلى أرباب القلوب المتجردين لذلك ، وتر لهم فى الغالب هم الذين تظهر عليهم الكرامات وشواهد الولاية فلا بد فى الخلق فى كل عصر منهم فبهم يحصل لنا الخير من الله فهذا أحد الأمرين اللذين أوجبا لنا التوقف عن إخلاق الجواب. الأمر الثانى : لمعنى فى المرابطين ، وهو أن الأحاديث والآثار وما قدمناه من قيام بفرضه واقتضائه رجحانه على المجاورة ، وهو فممن يفعل ذلك محتسبا لله تعالى قاصدا به إعزاز دين الله ، وإعلاءه كلمته ، مجاهدا بنفسه ، وماله ـ إن كان له مال ـ أو بنفسه فقط ـ إن لم يكن له ذلك ـ رزقا من الأموال الحرام والمكوس بل قانعا من الحلال بما تيسر أو بما يفتح الله عليه من فى المسلمين المرصد للمجاهدين ، غير قاصده بل قاصدا إعلاء كلمة الله ، فهذا هو المرابط الذى ينظر بينه وبين المجاور فإن كنت أيها السائل من هذا القبيل ، قلنا لك : أن الرباط أفضل بشرط اخر أيضا وهو أن تجد من نفسك قوه تعينك على ذلك ، فإن من الناس من يكون فيه فضل قوه ، ودفع : عن المسلمين فهو الذى يقصد منه ذلك ، وأما من لا دفع له لضعف بدنه ونحوه ما المجاورة له أفضل ، إن تيسرت وإن كنت أيها السائل ليس من هذا القبيل بل يقصد بهذا السؤال فخر أو رياء ، فإنك تأثم بذلك ويدخلنا معك فى الإثم لإعانتنا لك عليه ، وإن كنت تقصد بهذا مجرد علم لم يحصل بذلك طائل وضيعت علينا الزمان فالعلم إنما ينبغى الاشتغال به للعمل أو لتعليم من يعمل لينتفع به القائل والسامع وغير ذلك لا خير فيه وقد كان من المجاورين بمكة الفضيل بن عياض ولا أطيل عليك بكراماته وكونه بالمحل الأسى من المعارف الإلهية والأحوال السنية ، فكتب إليه عبد الله بن المبارك ، ولا أطيل أيضا بكراماته وكونه بالمحل الأسنى من العلم والزهد والأعمال الصالحه حجا وغزوا ومرابطه وكرما بأحواله كتب إلى الفضل.
من الثغور. يا عابد الحرمين لو أبصرتنا |
|
لعلمت أنك فى العبادة تلعب |
من كان يخضب خده بدموعه |
|
فنحورنا بدمائنا تتخضب |
أو كان يتعب خيله فى باطل |
|
فخيولنا يوم الصبحة تتعب |
ربح العبير لكم ونحن عبيرنا |
|
وهج السنابك والغبار الأطيب |