تحسين للمساجد وقد فعله الصحابة رضى الله عنهم ومنهم عثمان فمن بعده ولا شك أن بناء المساجد من أفضل القرب وتحسينها من باب إحسان الأعمال الصالحة فهو صفة القربة وقد رآه المسلمون حسنا ، وقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» فكل ذلك حسن ، ولا يكره منه إلا ما يشغل خواطر المصلين ، فلا شك أنه يكره كراهة تنزيه لا تحريم ، هذا ما يتعلق بمذهبنا مذهب الشافعي.
وأما الحنفية فعند أبى حنيفة لا بأس بنقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب إذا كان من مال نفسه ، وكذا فى سقف البيوت وتمويهها بماء الذهب ، وكرهه أبو يوسف وعلى قول الحنفية المصحف أولى بالجواز وكذا المسجد ، واختلفت الحنفية هل نقش المسجد قربة أم لا؟ والصحيح أنه ليس بقربة لكنه مباح فالذى تقتضيه قواعد أبى حنيفة أن تحلية المسجد وتعليق قناديل الذهب فيه جائز ، وقال صاحب الكافى : لا بأس ، يدل على أن المستحب غيره ، قال : وأصحابنا جوزوا ذلك ولم يستحسنوه ومراده بأصحابهم الجميع فأبو يوسف ما يخالف فى المسجد وإنما يخالف فى البيوت ، وقال القدورى فى شرح مختصر الكرخى : إن أبا حنيفة رحمهالله جوز تمويه السقف بالذهب وإن أبا يوسف كره ذلك ، قال : فعلى قول أبى حنيفة رحمهالله المصحف أولى بذلك وكذا المسجد ، وفى الكافى قيل : يكره ، وقيل : هو قربة ؛ لأن العباس زين المسجد الحرام فى الجاهلية والإسلام ، وكسى عمر رضى الله عنه الكعبة ، وبنى داود صلىاللهعليهوسلم مسجد القدس من الرخام والمرمر ووضع فيه على رأس القبة كبريتا أحمر يضيء اثنى عشر ميلا وزينة مسجد دمشق شيء عظيم وفى ذلك ترغيب الناس فى الجماعة وتعظيم بيت الله ، وكونه من أشراط الساعة لا يدل على قبحه على أن المراد تزيين المساجد وتضييع الصلوات هذا كلام صاحب الكافى فى الحنفية ، قال : فإن اجتمعت أموال المسجد ، وخاف الضياع بطمع الظلمة فيها فلا بأس به حينئذ يعنى من مال المسجد ، وفى غير هذه الحالة لا يباح من مال المسجد وإنما تباح من مال نفسه ، وفى قنية المنية من كتبهم : لو اشترى من مال المسجد شمعا فى رمضان يضمن ، وهذا محمول على ما إذا لم يكن بشرط الواقف ولا جرت