وحملوا السّلاح مع العدد الكبير (١) ـ ثلاثة (٢) آلاف مقاتل سوى آبائهم (٣). وإنما جهدكم أن تخرجوا في ثلاثمائة رجل إن كملوا ، فتغرّرون بأنفسكم ويخرجون من بلدكم ولا آمن أن يكون الدائرة عليكم ، فكان ذلك أن يشككهم في المسير ، وهم على ما هم عليه بعد ، فخرج به الرجل الذي من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره ما أخبر الرجل ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا سلمة ، فخرج في أصحابه وخرج معهم الطائي دليلا ، فأغذّوا (٤) للسير ، ونكّب بهم عن سنن الطريق وعارض الطريق ، وسار بهم دليلا ليلا ونهارا ، فسبقا الأخبار ، وانتهوا إلى أدنى قطن. ماء من مياه بني أسد ـ هو الذي كان عليه جمعهم فيجدون (٥) سرحا فأغاروا على سرحهم فضمّوه ، وأخذا رعاء لهم ، مماليك ثلاثة ، وأفلت سائرهم ، فجاءوا جمعهم فخبروهم الخبر ، وحذروهم جمع أبي سلمة ، وكبّروه عندهم ، فتفرّق الجمع في كل وجه ، وورد أبو سلمة الماء فيجد الجمع قد تفرق ، فعسكر (٦) وفرق أصحابه في طلب النّعم والشاء ، فجعلهم ثلاث فرق : فرقة أقامت معه ، وفرقتان أغارتا في ناحيتين شتى. وأوعز إليهما أن لا يمعنوا في الطلب ، وأن لا يثبتوا إلّا عنده إن علموا ، وأمرهم أن لا يفترقوا ، واستعمل على كل فرقة عاملا منهم ، فاتوا إليه جميعا سالمين قد أصابوا إبلا وشاء ولم يلقوا أحدا ، فانحدر أبو سلمة بذلك كلّه (٧) إلى المدينة راجعا ، ورجع معه الطائي ، فلما ساروا ليلة قال أبو سلمة : اقسموا غنائمكم ، فأعطى أبو سلمة الطائي الدليل رضاه من المغنم ، ثم أخرج صفيّا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عبدا ثم أخرج الخمس ، ثم قسم ما بقي ما بين أصحابه ، ثم عرفوا سهمانهم ، ثم أقبلوا بالنّعم وبالشاء يسوقونه حتى دخلوا المدينة.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحارث بن (٨) أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد (٩) ، أنا محمّد بن
__________________
(١) الواقدي : الكثير.
(٢) بالأصل : «عليه ألف» والمثبت عن الواقدي.
(٣) الواقدي : أتباعهم.
(٤) بالأصل : «فأعدوا» والصواب عن الواقدي ، والاغذاذ في السير : الإسراع.
(٥) بالأصل : محدوا» والمثبت عن الواقدي.
(٦) بالأصل : «بعسكر» والمثبت عن الواقدي.
(٧) بالأصل : كلمة ، والمثبت عن الواقدي.
(٨) بالأصل : «الحارث وأبي أسامة» خطأ والصواب ابن أبي أسامة ، وقد مرّ كثيرا.
(٩) طبقات ابن سعد ١ / ٢٩٢ في ذكر وفادات العرب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.