خرج محرما بالحج فقدم مكة ، فلما رآه عمر قال : يا طليحة لا أحبك بعد قتل الرجلين الصّالحين عكّاشة بن محصّن ، وثابت بن أقرم ، وكانا طليعتين لخالد بن الوليد فلقيهما طليحة وسلمة ابنا خويلد فقتلاهما فقال طليحة : يا أمير المؤمنين ، رجلان أكرمهما الله بيدي ، ولم يهني بأيديهما ، وما كل البيوت بنيت على الحب ، ولكن صفحة جميلة ، فإنّ الناس يتصافحون على السنان ، وأسلم طليحة إسلاما صحيحا ، ولم يغمص عليه في إسلامه ، وشهد القادسية ، ونهاوند مع المسلمين.
وكتب عمر أن شاوروا طليحة في حربكم فلا تولوه شيئا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأ محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أحمد بن عبد الله بن سيف ، نا أبو عبيدة السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن سعيد بن عبيد أبي يعقوب ، عن أبي ماجد الأسدي ، عن الحضرمي بن عامر الأسدي قال (١) : سألته عن أمر طليحة بن خويلد ، فقال : وقع بنا الخبر بوجع النبي صلىاللهعليهوسلم ثم بلغنا أن مسيلمة قد غلب على اليمامة وأنّ الأسود قد غلب على اليمن ، فلم يلبث إلّا قليلا حتى ادّعى طليحة النبوة ، وعسكر بسميراء (٢) واتّبعه العوامّ ، واستكثف أمره ، وبعث حبال (٣) ابن أخيه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم يدعوه إلى الموادعة ويخبره خبره ، فقال حبال إن الذي يأتيه ذو النون فقال : يعني النبي صلىاللهعليهوسلم لقد سمي ملكا فقال حبال أنا ابن خويلد ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «قتلك الله وحرمك الشهادة» ، وردّه كما جاء ، فقتل حبال في الردّة.
قال : ونا سيف قال : وقال الكلبي : وبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض ما كان يقول قوله : يأتيني ذو النون الذي لا يكذب ولا يخون ولا يكون كما يكون ، قال : لقد ذكر ملكا عظيم الشأن.
قال : ونا سيف بن بدر بن الخليل ، عن عثمان بن قطنة ، عن نفر من بني أسد أتوه أحدهم أن طليحة خرج في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم فنزل بسميراء ودعا الناس إلى أمره ، وأرسل النبي صلىاللهعليهوسلم يوادعه ، فأرسل النبي صلىاللهعليهوسلم ضرار بن الأزور ، فقدم على سنان بن أبي سنان ،
__________________
(١) الخبر في تاريخ الطبري ط بيروت ٢ / ٢٢٥ حوادث سنة ١١.
(٢) سميراء بالمد ، منزل بطريق مكة (ياقوت).
(٣) عن الطبري ، وبالأصل : «خيالا».