إذا ما انجلت عنهم غمامة غمرة |
|
من الموت أجلت عن كرام الموارد (١). |
كذا اخبرنا بهذه الحكاية أبو سعد بن البغدادي محرّفة ، وقد أسقط منها أبياتا.
وأخبرنا بها على الصواب أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا حمزة بن علي بن محمّد بن عثمان ، ومحمّد بن محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز ، قالا : أنا أبو الفرج أحمد بن عمر بن عثمان الغضائري ، أنا أبو محمّد جعفر بن محمّد بن عصر (٢) الصّوفي ، نا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن مسروق الصّوفي ، حدّثني علي بن مسلّم بن الهيثم بن مسلّم الكوفي ، قال : سمعت أبي يقول : قدم المغيرة بن حبناء على طلحة الطلحات فأنشده شعرا عاتبه فيه فقال
قد كنت أسعى في هواك وأبتغي |
|
رضاك وأرجو منك ما لست لاقيا |
وأبذل نفسي في مواطن غيرها |
|
أحقّ وأعصي في هواك الأدانيا |
حفاظا وتمسيكا لما كان بيننا |
|
لتجزيني ما لا إخالك جازيا |
رأيتك ما تنفكّ منك رغيبة |
|
تقصّر دوني أو تجاوز (٣) آبيا |
أراني إذا استمطرت منك سحابة (٤) |
|
لتمطرني صارت عجاجا وسافيا |
وأدليت دلوي في دلاء كثيرة |
|
وأبن ملاء غير دلوي كما هيا |
ولست بلاق ذا حياء وحيلة (٥) |
|
من الناس حرّا بالخساسة راضيا |
فلما أنشده هذا الشعر قال : أما كذا أعطيناك شيئا ، قال : لا ، فدعا بدرج فيه ياقوت فقال : اختر حجرين من هذه الأحجار أو أربعين ألف درهم ، فقال : ما كنت لأختار أحجارا على دراهم ، فأعطاه أربعين ألف درهم ، ثم طلب إليه فأعطاه حجرا منها فباعه بعشرين ألفا فقال وامتدحه :
أرى الناس قد هروا الفعال ولا أرى |
|
بني خلف إلّا رواء الموارد |
إذا نفعوا عادوا لمن ينفعونه |
|
وكائن ترى من نافع غير عائد |
__________________
(١) الأغاني : كرام مذاود.
(٢) كذا رسمها بالأصل.
(٣) الأغاني : أو تحلّ ورائيا.
(٤) الأغاني : رغيبة ... عادت عجاجا.
(٥) الأغاني : ذا حفاظ ونجدة.