رأيي مقصور عليكم نفعه إن فعلتموه ، مخوف عليكم ضرره إن ضيعتموه ، فاجعلوا مكافأتي، قبول نصيحتي ، وإن قريشا شاركتكم في أنسابكم ، وتفردتم دونها بأفعالكم ، فقدمكم ما تقدمتم فيه إذا أخر غيركم ما تأخروا له ، ولقد جهر لي فعلمت ، وفهم لي ففهمت ، حتى كأني أنظر الى أولادكم بعدكم كنظري الى آبائهم قبلهم ، إن دولتكم ستطول ، وكل طويل مملول ، وكل مملول مخذول ، فإذا انقضت مدتكم كان أول ذلك اختلافكم بينكم ، واتفاق المختلفين عليكم ، فيدبر الأمر بضد ما أقبل به ، فلست أذكر عظيما ينال منكم ، ولا حرمة تنتهك لكم ، إلا وما أكف عن ذكره أعظم منه ، فلا معوّل عليه عند ذلك أفضل من الصبر ، واحتساب الأجر ، فيا لها دولة أنست أهلها الدول في الدنيا والعقوبة في الآخرة ، فيمادّكم القوم دولتكم تمادّ العنانين في عنق الجواد ، فإذا بلغ الأمر مداه ، وجاء الوقت الذي حده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ضعفت الحيلة ، وعزب الرأي ، وصارت الأمور الى مصايرها ، فأوصيكم عندها بتقوى الله عزوجل الذي يجعل لكم العاقبة إن كنتم متقين.
خلافة يزيد ومقتل الحسين ووقعة الحرة :
تولى يزيد بن معاوية الخلافة بعد أبيه ثلاث سنين وستة أشهر ، وسار على خطته في جهاد الروم وكان جلدا صبورا ، ولم تمنعه فتن ابن الزبير وشيعة العراق عن قتالهم ، وأهم الأحداث في زمانه قتل الحسين بن علي (رضياللهعنهما) في كربلاء من العراق ، وحمل رأسه الشريف الى الشام ، وإهانة أسرته الطاهرة ، وقتل بعض رجالها. فارتكب ابن زياد عامل العراق ليزيد من ذلك أمرا نكرا أكبره أهل الإسلام وزادت بذلك شيعة علي وآله حنقا وشدة. ولم يكن يزيد يريد قتل الحسين عملا بوصية والده له ، فإن زحر بن قيس لما حمل من العراق الى الشام أهل بيت الحسين ودخل على يزيد وبشره بذلك دمعت عينه وقال : قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين لعن الله ابن سميّة (يعني ابن زياد) ،