ولم يستقر حتى أرسل الى أهل العواصم وقنسرين وما جاورها يطالبهم بالأتاوة ، فورد على المسلمين من ذلك ما طمس المعالم التي بناها الدانشمند.
تخاذل أمراء المسلمين وبلاء طغتكين وابن عمار :
جهز ملك مصر في سنة ٤٩٦ عسكرا بقيادة ابنه شرف المعالي ، وسير الأسطول في البحر فاجتمع بالعسكر الذي خرج سنة ٤٩٥ وعليه سعد الدولة القوامسي بيازور على ساحل الرملة ، والتقيا مع عسكر الفرنج فهزموهم ، وحاصر شرف المعالي قصرا كان الأفشين قد بناه قريبا من الرملة وملكه قهرا ، وقتل من كان به من الفرنج فحضر في البحر عدة مراكب نجدة لهم وحاصروا عسقلان ، فرحل شرف المعالي من الرملة الى عسقلان ، فارتحل الفرنج عنها ، وكتب الأفضل الى شمس الملوك دقاق صاحب دمشق يستنجده على الفرنج فاعتذر عن ذلك.
وفي سنة ٤٩٧ وصلت مراكب الفرنج في البحر الى ظاهر اللاذقية مشحونة بالتجار والأجناد والحجاج وغير ذلك ، فاستنجد بهم صنجيل المنازل لطرابلس في مضايقتها والمعونة على ملكها ، فاجتمعوا معه على منازلتها ، فقاتلوها أياما ورحلوا عنها ، ونزلوا على ثغر جبيل ، فقاتلوه وضايقوه وملكوه بالأمان ثم غدروا بأهله وصادروهم ، واستنفدوا أموالهم بالعقوبات وأنواع العذاب. وفيها التقى عسكر الأميرين سقمان بن أرتق صاحب آمد وجكرمش صاحب الموصل بعسكر بيمند وطنكري في عسكريهما من ناحية أنطاكية فانتصر المسلمون.
ونزل بغدوين صاحب بيت المقدس على ثغر عكا ـ وواليها من قبل المصريين زهر الدولة الجيوشي ـ ومعه الجنويون والمراكب في البحر والبر ، وهم الذين كانوا ملكوا ثغر جبيل في نيف وتسعين مركبا فحصروه من جهاته ، ولازموه بالقتال الى أن عجز واليه ورجاله عن جربهم ، وضعف أهله عن المقاتله وملكوه بالسيف قهرا. ونزل الفرنج على حصن بسرفوت ورموه بالمناجيق ففتحوه بالأمان وأطلقوا من كان فيه ، وكان من أمنع حصون جبل بني عليم من حيز حلب. وظهر ابن عمار صاحب طرابلس