الأعصر الثلاثة الأخيرة من الشوف ووادي التيم وغيرهما الى جبل حوران الذي كان يسمى جبل الريان وجبل بني هلال أو امالدانوس وأصبحوا فيه الأكثرية المطلقة. وكما هاجر النصارى الشرقيون الى القدس من أرض البلقاء وعمان وعرفوا بالمشرقيين ومحلتهم بالمشارقة. وبهذا رأينا أن الهجرة من صقع الى صقع من أصقاع هذا القطر والهجرة من القاصية والهجرة الى القاصية لم تنقطع في الإسلام كما أنها كانت كذلك منذ جلاء بني إسرائيل الى بابل بل قبلها مما لم تبلغنا بالتفصيل أخباره.
التركمان والأتراك والأكراد والشركس وغيرهم :
نزل التركمان على عهد دولة بني مرداس العربية في شمالي حلب ، وسير الأتابك زنكي طائفة من التركمان الإيوانية مع الأمير اليارق الى الشام وأسكنهم في ولاية حلب وأمرهم بجهاد الافرنج وملكهم كل ما استنقذوه منهم جعله ملكا لهم. ولم يزل جميع ما فتحوه في أيديهم الى نحو سنة ستمائة. وأسكن صلاح الدين كثيرا من التركمان والأكراد في لبنان وساحله. والتركمان والأكراد كثروا جدا في الشام على عهد الدولتين النورية والصلاحية ، وكان قسم عظيم من جند المسلمين إذ ذاك منهم ، فتديروا الأقاليم واستعربوا. ولم تجىء دولة المماليك حتى كثر الشراكسة في هذه الديار واستعربوا هم وحكومتهم مع الزمن. وفي عهد العثمانيين نزل قبائل من التركمان في بغراس (بيلان) وما اليها وعادت هذه فتعربت بمن كان نزلها من الإسماعيلية العرب الذين أخضعوا لسلطانهم تلك الجبال ، جبال اللكام وما اليها.
جاء القرن الحادي عشر وفي الشام كما قال كاتب جلبي أنواع الألسنة كالعربية والتركية والكردية والفارسية والهندية والأفغانية والسليمانية وهذا كله في دمشق قال : وهناك مغاربة وسريان وعرب ، وفي الإسكندرونة وطرابلس وصيدا والقدس اليونان واللاتين والطليان والفرنسيون والاسبان والإنكليز والنمساويون والبولونيون والروس والموسكوف والقبط والحبش والأرمن وجميع طوائف النصارى اه.