الأحوال. وفي سنة ٤٩٠ قدم على الأفضل بمصر رسل فخر الملوك رضوان بن تتش صاحب أنطاكية ، يبذل له الطاعة في إقامة خطبة المستعلي بالشام ، فأجيب بالشكر والثناء وخطب للمستعلي.
تطال تتش الى ملك أخيه ملكشاه فصده عنه ابنه بركيارق وقتله. وقتل تتش آق سنقر لأنه لم يوافقه على رغائبه من نزع الملك السلجوقي من ابن ملكشاه ، وحنق تتش على آق سنقر منذ قال له يوم طرابلس وهو يريده على قتال صاحبها : نحن نطيعك إلا في عصيان السلطان. فقتل آق سنقر وجوزي تتش بأن قام من صنائع قتيله من يأخذ بثأره فقتله أيضا. واستراح آل ملكشاه من تصدي تتش للملك وهو الذي لم يقنع بملك الشام ، وكان فيه الملك الأعظم بعد مقتل آق سنقر. وتصرفت الأقدار بأن تتسلم زمام الأمر في هذا القطر ذرية تاج الدولة تتش ، ريثما ينتقل منها الحكم الى مملوك آخر اسمه طغتكين ، وهو يسلمه الى حفيد آق سنقر نور الدين محمود بن زنكي.
الدولة الأتابكية وطغتكين وبنو أرتق :
كان آق سنقر وبزان صاحبا حلب وأنطاكية من مماليك السلطان ملكشاه ، وكان من أمرهما في الغناء والوفاء ما كان في الشام حتى مضيا لسبيلهما. ثم قام مملوك آخر طالت مدته أكثر منهما وكان له في الدولة بالشام اليد الطولى والكعب المعلى ، ونعني به أبا منصور ظهير الدين أتابك طغتكين ، من مماليك تاج الدولة تتش بن آلب أرسلان ملك الشام ، ومعنى أتابك مربي أولاد الملك أو قائد الجيوش. قال ابن القلانسي : حظي هذا الأمير وهو في حداثة سنه عند السلطان تاج الدولة فقدمه على أبناء جنسه من خواصه وبطانته ، وسكن الى شهامته وصرامته ، وسداد طريقته ، فجعله مقدم عسكره ، واستنابه في تدبير أمر دمشق ، وحفظها أيام غيبته ، فأحسن السير فيها ، وأنصف الرعية من أهلها ، وبسط المعدلة في كافة من بها ، فكثر الدعاء له والثناء عليه ، فعلت منزلته وامتثلت أوامره ، ولم يلبث أن شاع ذكره بنجابته ، وأشفقت