قال زين العابدين صلوات الله عليه : « لا تبقي على من تضرّع إليها ، ولا ترحم من استعطفها واستبتل إليها ، ولا تقدر على التخفيف عمّن خشع لها واستسلم إليها ، تلقى سكانها باحَرَّ ما لَديها من أليمِ النّكال ، وشديد الوبال ».
وفي الحديث عن النبّيّ صلوات الله عليه وآله كما أشرنا إليه أنّهم يعرفون أنّ أهل الجنّة في نعيم عظيم فيؤمّلون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفَ عنهم بعض العذاب الأليم ، كما قال جلّ جلاله : ( وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ المَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ) (١) قال : « فَيحبسُ عَنهُم الجوابُ أربَعينَ سَنَةً ، ثمَّ يجيبونهم بلسان الاحتقار والتّهوّن ( إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ) (٢) فَيَرون أنَّ الخزنَة عِندهُم يشاهدونَ ما قد نزل بهم من المصائب فيؤملون أن يجدوا عندهم ( فرجاً ) (٣) بسبب من الأسباب ، فقال الله جلّ جَلالُه ( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ ) (٤) ».
ففي الحديث : أنهُم يُعرِضُون عنهم في الجوابِ أربعين سنة ثمّ يجيبونهم بعد خيبة الآمال ( قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ ) (٥) فإذا ايسوا من خزنة جهنم رجعوا إلى مالك مقدّم الخزّان وقالوا لعلّه أرحم بهم من الخرنة ، ولعلّه يخلصهُم من ذلك الهوان ، وأمّلوا أن يشفع لهم ، وتعلّلوا بعسى وليت ولعلّ ذلك يكون ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) (٦) فروي في الحديث : أنّه
__________________
(١ و ٢) الأعراف ٧ : ٥٠.
(٣) اثبتناها من نسخة « ن ».
(٤) غافر ٤٠ : ٤٩.
(٥) غافر ٤٠ : ٥٠.
(٦) الزخرف ٤٣ : ٧٧.