الباشا في أمرهم فكتب للدلاتية بترك الدور لأهلها فلم يمتثلوا فاجتمع المشايخ بالأزهر وتركوا قراءة الدروس وخرجت الأولاد الصغار يصرخون في الأسواق فأرسل الباشا كتخداه إلى الازهر فلم يجد به أحدا وكان المشايخ انتقلوا إلى بيوتهم ، فذهب إلى بيت الشرقاوي وحضر هناك السيد عمر مكرم وخلافه فكلموه وأوهموه ، ثم قام وانصرف فرجمه الأولاد بالحجارة وبقي الأمر على السكون أياما.
لقد قاد الأزهر الحركة الوطنية ضد الفرنسيين والطغاة ، وكانت له زعامة الشعب ، وقيادة الحركة العقلية والعلمية في البلاد.
جهاد الأزهر الوطني في الحملة الفرنسية وما بعدها :
مرت مصر (١) خلال هذه الفترة بأحداث مثيرة استدعت بذل ضروب عالية من التضحية ، وقد خاض الأزهر غمار هذه الحوادث ، واستجاب زعماؤه لداعي الوطن ، باذلين ما في وسعهم من تضحيات في سبيله.
فلم تكد تستقر الحملة الفرنسية في القطر المصري في صفر ١٢١٣ ه (يوليه ١٧٩٨) حتى نفر الشعب وزعماؤه دفاعا عن كرامة الوطن وحريته ، فقامت الثورات في جميع أنحاء القطر ، لطرد المستعمرين من البلاد. وكانت القاهرة مركزا لثورتين مهمتين : الأولى في جمادي الأولى ١٢١٣ ه (أكتوبر ١٧٩٨) وعلى رأسها الشيخ السادات ، وكان رئيسا لمجلس الثورة. والثانية في ٢٣ شوال ١٢١٤ ه (٢٠ مارس ١٨٠٠) وعلى رأسها زعيم العلماء في ذلك الوقت السيد عمر مكرم نقيب الأشراف. وقد استعمل الفرنسيون جميع أنواع القسوة لكبت الشعور القومي والقضاء على المقاومة الأهلية ، ولكنهم لم ينجحوا في خطتهم ، وانتهى الأمر بفوز المقاومة الأهلية ، وجلاء الغاصبين عن ارض الوطن.
فبعد ثورة القاهرة الأولى في ٩ جمادي الأولى ١٢١٣ (٢٠ أكتوبر ١٧٩٨)
__________________
(١) راجع الأزهر عدد ربيع الأول ١٣٧٣ ـ الأستاذ احمد عز الدين خلف الله.