أقبل السيد عمر مكرم ، فاقترح المناداة بعزل خورشيد وإسناد الولاية إلى محمد علي.
وكان الشعب قد ضاق ذرعا بالاعتداءات المتكررة وبالضرائب الفادحة التي يطلب إليها دفعها صاغرا. كان في حاجة إلى مصافحة اي يد تمتد إليه ، لعل فيها خلاصه مما يعانيه من الكروب والمحن ، ولذلك وافق على الاقتراح الذي تقدم به السيد مكرم ، لا حبا في القائد الألباني ، وإنما كرها في الوالي العثماني.
وطلب العلماء وعلى رأسهم مكرم إلى الوالي النزول عن الحكم طوعا لإرادة الشعب ، فأبى مستكبرا وأجابهم بأنني معين بأمر السلطان فلا أنزل بإرادة الفلاحين.
واستشاط العلماء غضبا من هذه الإهانة الموجهة إلى الشعب ، واتفقت كلمتهم على محاصرة الوالي في القلعة لإرغامه على التنازل عن الحكم ، وبدأ النضال سافرا ، وشرع أفراد الشعب في تكوين فرق شبه عسكرية تتولى إقامة المتاريس وحفر الخنادق وحراسة مداخل المدينة ومد المساعدة إلى الجنود وتسليح الشعب بالأسلحة البيضاء والهراوي ، ومنعوا الماء والغذاء والمدد عن الوالي في القلعة.
وكان مكرم في غضون فترة الحصار حركة لا تهدأ ، كان يتنقل بين الصفوف ، ويستثير الهمم والنخوة القومية ويشجع المحاصرين ، وبرزت إلى جانبه أسماء زعماء من الشعب : كابن شمعة وحجاج الخضري الذي تمكن من أسر قافلة من الإبل محملة بالذخائر والمؤن كانت في طريقها إلى القلعة لتموين الوالي ، وقدم هذه القافلة غنيمة باردة إلى القائد المرشح للولاية.
وانتهى النزاع طوعا لإرادة الشعب ، فنزل الوالي المعزول عن الحكم ، وأسندت الولاية إلى الحاكم الجديد ، وبذلك انتصرت إرادة الشعب.