العامة ... وإني لا أستطيع أن أشهد بغير ما أعتقد أنه حق ...
فقرر محمد على التخلص من عمر مكرم .. وأراد أن يحتال عليه ، وطلب إليه أن يذهب لمقابلته في الديوان ، فأجاب السيد عمر مكرم قائلا :
إن الباشا إذا أراد مقابلتي ، فلينزل من القلعة لمقابلتي في بيت السادات ، لتكون المقابلة على سواء.
وكان محمد علي يجمع من الضرائب أكثر مما ينفق .. ويحتجز الأموال لنفسه ، فاحتج عمر مكرم ، وقال كلاما كثيرا جاء فيه :
أما ما صرفه الباشا في سد الترعة فإن الذي جمعه وجباه من البلاد يزيد على ما صرفه أضعافا كثيرة ، وأما غير ذلك ، فكله كذب لا أصل له ، وإن وجد من يحاسبه على ما أخذه من القطر المصري من الفرض والمظالم لما وسعته المظالم ..
فقرر محمد علي نفيه من القاهرة ، فابتسم الشيخ عمر مكرم وقال : أما منصب النقابة فإني راغب عنه وزاهد فيه ، وليس فيه إلا التعب : وأما النفي فهو غاية مطلوبي ، وأرتاح من هذه الورطة ، ولكن أريد ان أكون في بلد لم تكن تحت حكمه ، فإذا لم بآذن لي في الذهاب إلى أسيوط ، فليأذن لي في الذهاب إلى الطور أو إلى درنة.
فأخبروا الباشا بذلك ، فلم يرض إلا بذهابه إلى دمياط.
وخرج عمر مكرم زعيم الشعب إلى منفاه في ١٣ اغسطس ١٨٠٩.
وهكذا أخرج محمد علي الشعب المصري من الميدان ، وقرر أن يستبد بأمر مصر وحده.
وهكذا أنكر فضل هذا الشعب عليه ، وأخذ طريق المستبدين ، وخلفه أبناؤه فساروا في طريقه ، ووضعوا أيديهم في يد أعداء البلاد .. وزاد أمرهم سوءا ، وأحاطت بهم الأزمات ..