وتقدم شعب مصر ليعينهم ، فمكروا به ، وسخروا منه ، إلى أن حدث ما لم يكن لهم في حسبان
الأزهر يسير في حياته العلمية :
وقد سار الأزهر في حياته العلمية يائسا من الحكام والولاة ، واهتم علماؤه بإصلاحه وصدر أول قانون لذلك في سنة ١٢٨٨ ه (١٨٧٢ م) وقد نظم هذا القانون طريقة نيل الشهادة العالمية وبين مواد امتحانها وقسم الناجحين فيها إلى ثلاث درجات : (أولى ، ثانية ، ثالثة) على أن تصدر بذاك براءة ملكية بتوقيع ولي الأمر : وعنى الغيورون بالأزهر ، وحرصوا على أن ينهض. وقد كان لهذا التنظيم الذي بدىء في عهد إسماعيل أثره في حفز الهمم على الإصلاح ، فتوالت القوانين المنظمة للأزهر ، وكان أهمها القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١١ ، إذ قسم الدراسة بالأزهر إلى مراحل ، وجعل لكل مرحلة نظاما وموادا للدراسة ، وحدد اختصاص شيخ الجامع الأزهر ، وأنشأ هيئة تشرف على الأزهر تسمى المجلس الأعلى للأزهر ، وأوجد هيئة كبار العلماء وجعل لها نظاما خاصا ، وجعل لكل مذهب من المذاهب الأربعة التي تدرس في الأزهر شيخا ، ونظم مجالس إدارات المعاهد ، ووضع نظاما للمدرسين والموظفين في التعيين والترقية ، ووضع للطلاب شروطا للقبول ، ونظم الامتحانات والشهادات.
وحدث في هذا العهد عدة أحداث : منها أن بعض الشوام والصعايدة تزاحموا في الجلوس في الدرس وتضاربوا فجاء جملة من الشوام بالعصى وساقوا الصعايدة سوقا عنيفا إلى رواق الصعايدة ، فحضرت طائفة من الصعايدة بعصيهم ووقعوا بالشوام ضربا وهموا وراءهم بقوة شديدة حتى ادخلوهم رواق الشوام وحاصروهم به ، ولم يسع الشوام إلا قفل باب الرواق ، بل تسور لهم بعض الصعايدة من فوق السطح ، واستمروا كذلك ، حتى ذهب الشيخ محمد الرافعي إلى بعض الأعيان من تجار الشوام وأخبرهم ، وذهبوا جميعا إلى خير الدين باشا ضابط مصر ، فأرسل جملة