نواحي الجامع ثم دخل الضباط والعساكر واشتغلوا بضبط من بالأزهر مع الإهانة من غير تمييز بين طالب وعالم ، فقبضوا على ٨٢ من الشوام و٢٣ من المصريين وفيهم بعض المدرسين وأصيب بالرصاص خمسة مات بعضهم في الحال وبعضهم بعد ذلك ثم أفرج عن المقبوضين وانحصرت التهمة في ١٤ تقريبا من الشوام ونفى البعض وسجن البعض ، وأقفل رواق الشوام سنة كاملة ، واستاء لذلك الخديوي وشيخ الأزهر وانصدعت لذلك قلوب الشعوب الإسلامية.
جهاد الأزهر في الثورة العرابية :
قام الأزهر بنصيب (١) كبير في إذكاء الحماسة ونشر التعليم وإعداد النفوس لتلبية نداء الحرية ، فقد قام رجاله وعلى رأسهم الشيخ عبد الله الشرقاوي منذ أوائل القرن التاسع عشر بإعلان حقوق الشعب وإلزام الوالي باحترام هذه الحقوق ، ثم ظهر بعد ذلك رجال أفذاذ سجلوا اللأزهر صفحات خالدة في تاريخنا مثل رفاعة رافع والسيد عبد الله النديم والشيخ محمد عبده.
فالأول كان زعيما لنهضة العلم والأدب في عصره ، ومن أهم أعماله تأسيس مدرسة الألسن التي خرجت نخبة من العلماء والأدباء والشعراء ، كما قام بترجمة الدستور الفرنسي ، وعلق على الترجمة تعليقات تدل على فهم صحيح لأحكامه ومبادئه ، وميل فطرى إلى (٢) النظم الحرة ، وترجم القانون المدني الفرنسي ونشر رحلته في فرنسا وسماها «تخليص الإبريز» ، ولم يقتصر نشاطه على التأليف والترجمة والتدريس ، بل خدم الأدب ، وله قصائد شعرية تدل على وطنية صادقة وتفان في محبة الوطن ، وبلغ من حماسته أنه عرب نشيد المارسلييز الفرنسي الذي يعتبر من أجمل الأناشيد الحماسية القومية ، حتى لا يحرم أبناء وطنه من تذوق هذا النشيد.
__________________
(١) مجلة الأزهر ١٣٧٢ ـ الأستاذ احمد عز الدين خلف الله.
(٢) تاريخ الحركة القومية الرافعي ج ٣ ص ٤٧٩