وأما السيد عبد الله النديم ، فقد حاول أن ينفث في الأمة الحماسة كي يستيقظ الشعب من غفوته ، ونادى بضرورة تعليم أبناء الوطن تعليما نافعا ، وفي سبيل تحقيق أغراضه أسس «الجمعية الخيرية الإسلامية» ونحانحوا جديدا لنشر أفكاره ، فألف مسرحيتين إحداهما (الوطن وطالع التوفيق) والأخرى (العرب) ، مثلهما هو وتلاميذه على مسرح زيزينيا بالإسكندرية. وقد بين في مسرحيته الأولى جميع الأمراض والعلل التي نهدد الأمة في وجودها.
وبينما كان صوت النديم يجلجل بالإصلاح ويمهد للثورة في نفوس المثقفين كان الشيخ محمد عبده يبث تعاليم السيد جمال الدين الأفغاني في دروسه ، ويعالج الشئون العامة للبلاد في صحيفتي الأهرام والوقائع الرسمية.
ورأس الثورة المفكر أحمد عرابي (باشا) تلقى علومه في الأزهر مدة أربع سنوات ، وكان لهذه المدة على ضآلتها أثر كبير في تكوين شخصية عرابي كزعيم ثوري ، إذ جعلت منه خطيبا مفوها يستولى على عقول سامعيه ويهز مشاعرهم ... ووسط هذا النضوج الذهني اندلع لهيب الثورة.
وفي ٢٥ مايو عام ١٨٨٢ قدمت كل من انجلترا وفرنسا مذكرة يطلبان فيها إبعاد عرابي (باشا) وإرسال كل من : على (باشا) فهمى وعبد العال (باشا) حلمى إلى أية جهة داخل القطر المصري ، واستقالة وزارة البارودي ، فرفض مجلس الوزراء مطالب الدولتين ، واجتمع أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي وكبار الضباط في قشلاق عابدين واتفقوا فيما بينهم على ان يكونوا يدا واحدة في الدفاع عن البلاد ، وارسلوا إلى الشيخ محمد عبده ليضع لهم صيغة يمين الثورة فوضعها لهم ، وتلاها عليهم ، فرددوها في صوت واحد.
واستقالت وزارة البارودي يوم ٢٦ مايو عام ١٨٨٢ ، وأراد الخديوي