اعتادوا السكني فيه (١). وبعد ذلك بقليل في زمن السلطان المؤيد أيضا ولي نظر الجامع شمس الدين محمد الماحوري ، أحد تجار الكارم والجوهر ، وكان من أصدقاء المؤيد. وذلك بطريق النيابة عمن له النظر على الجامع (ولعله الأمير سودوب أيضا) ، فاستعمل القسوة في تنظيم شئونه الداخلية ، وكان يطوف ومعه عصى لردع المخالفين ، وقاسى الطلاب منه شدة (٢) .. على أن ولاية هؤلاء الكبراء النظر على الجامع كانت تقتصر على الناحية الإدارية مما يتعلق بإصلاحه وتعميره والإنفاق عليه ، وتعيين الموظفين اللازمين لإدارته.
أما شئون العبادات فقد كانت دائما من اختصاص خطيب الجامع وإمامه. وقد كان يلي خطابة الجامع الأزهر في العصور المتأخرة والعصور المتقدمة أكابر القضاة والعلماء ، فنرى بين خطباء الجامع الأزهر في أواخر القرن السابع الهجري قاضي القضاة تقى الدين أبا القاسم ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز (٣) ، وفي أوائل القرن التاسع قاضي القضاة الحافظ ابن حجر العسقلاني (٤) .. وكان يوجد دائما إلى جانب منصب الخطيب منصب الإمام يشغله أيضا بعض العلماء الأعلام ، وصاحبه يلي الخطيب في الأهمية ، ويعاونه في القيام بشئون العبادات. وثمة منصب هام آخر هو منصب «الواعظ» يليه أيضا جماعة من أكابر العلماء ، وقد لبثت هذه المناصب الثلاثة قائمة خلال العصر التركي. وكان من مشاهير العلماء الذين تولوا إمامة الجامع الأزهر في العصور المتأخرة الفخر البلبيسي الضرير أستاذ القراءات ، تولاها في أواخر القرن التاسع الهجري (٥) ، والشيخ رضوان المتوفى سنة ١١١٥ (٦) .. ومن الذين تولوا
__________________
(١) المقريزي في الخطط ج ٤ ص ٥٤
(٢) التبر المسبوك ص ١٩٨
(٣) النجوم الزاهرة ج ٨ ص ٨٢
(٤) التبر المسبوك ص ٢٣١
(٥) التبر المسبوك ص ٣٢ ، ٧٧ ، ٢٣٩
(٦) الجبرتي ـ عجائب الآثار ج ١ ص ٧٢