منصب الوعظ الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق السنباطي المتوفى سنة ٩٥٠ ه ، والشيخ شمس الدين الصفدي المقدسي المتوفى في حدود التسعين وتسعمائة (١).
وأما شئون الدراسة فكان المرجع فيها على الأغلب إلى السلطان ووزرائه. وقد كانت مناصب التدريس في الأزهر وما إليه من المدارس الكبيرة يومئذ من المناصب الدينية الهامة ، فلا يعين فيها سوى أكابر الأساتذة والعلماء ، بيد أنه كان للواقفين والواهبين بلا ريب رأى في تعيين أنواع العلوم التي يخصونها بهباتهم ، وفي اختيار الأساتذة الذين يتولون تدريسها.
منصب مشيخة الأزهر :
وإذا كان من المستطاع أن يتتبع الباحث بعض النصوص والإشارات التي تلقى ضوءا على نظم الإشراف على الجامع الأزهر في العصر الفاطمي وفي عصور السلاطين ، فإنا لا نظفر بعد ذلك برواية أو نصوص شافية توصح لنا كيف تطورت النظم إلى نظام المشيخة الحالي. ومن المعروف الذائع أن نظام المشيخة الحالي إنما هو نظام حديث يرجع على الأكثر إلى نحو قرنين ونصف وأنه طبق لأول مرة في أواخر القرن الحادي عشر الهجري ، حينما أسندت مشيخة الجامع الأزهر إلى الشيخ محمد عبد الخرشي المالكي المتوفى في شهر ذي الحجة سنة ١١٠١ ه (١٦٩٠ م) ، وخلفه في المشيخة الشيخ محمد النشرتي المالكي. ولما توفي هذا الشيخ سنة ١١٢٠ ه (١٧٠٨ م) ، وقعت بالأزهر بسبب المشيخة والتدريس فتنة شديدة ، وانقسم المجاورون ـ الطلاب ـ فرقتين : ترشح إحداهما الشيخ أحمد النفراوي وترشح الأخرى الشيخ عبد الباقي القليني وكلاهما من المالكية. ووقعت بين الفريقين معارك قتل وجرح فيها كثيرون. وانتهى الأمر باستقرار الشيخ القليني في المشيخة والتدريس.
__________________
(١) الكواكب السائرة في اعيان المائة العاشرة ـ مخطوط في دار الكتب.