العلوم الدينية. وقد جاء في مقدمة المخطوط : «لقد دعاني داعي الاستكمال والتمسك بأذيال الامتثال إلى مطالعة أسرار الدين للوصول إلى عين البقين ، والنهوض من مراقد الوهم وظلمات الجهالة إلى مراقي الفهم ونور الحق المبين» ... «بيد أنه قد تباينت الطرق ، وتنازعت الفرق ، واختلفت أهواء الخلف في كيفية الوصول الى مرامي أنظار الأول ، وإصابة الغرض المقصود من عباراتهم ، وتفرقوا شيعا في تقرير المسائل ، فكانت همة قوم فيما يرجع إلى المعاني الأصلية ، ومال قوم إلى الخطابة والجدل ، وآخرون إلى التخريج على المعنى البعيد أو التنبيه على احتمال جديد ، وتنافس البعض في الاستشكال والتغليط ، حتى إنه ليخيل الى الناظر في طرائقهم أن الحقيقة صعبة المنال ، وأن اليقين مطلب محال .. فدفعني ذلك إلى أن اضع علما شاملا وقانونا جامعا به تستفاد حقائق المعاني من أصداف الكلام ، ويجمع الناظرين على أقوم طريق به يمكن الوصول الى تمام المعنى بحيث يوقف القارىء البصير في وقت قصير على كل ما في الحواشي والتقارير. ويرفع الخلاف القائم في كيفية الفهم ، ويزيل التشويش والإبهام ، ويمكن أهل العلم من الانتصار على جيوش الأوهام».
وقلما تحمس الظواهري في شبابه لإعلاء شأن الأزهر وإصلاح المسلمين ، كما يتضح من كتاب «العلم والعلماء» ، فأصابه من جراء ذلك ما أصاب غيره من المصلحين ، كما يتضح ذلك من مذكراته التي نشرها ابنه بعنوان «السياسة والأزهر». وتبين من الرسالة التي نشرتها مشيخة الأزهر هذا العام لمناسبة المعرض المصري الأخير أن أكثر ما استحدث من منشآت وما تم من إصلاحات في الأزهر الحديث كان للظواهري فيه أثر بارز .. وبمقتضى القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٣٠ الذي صدر في عهد مشيخته أنشئت الكليات الأزهرية الثلاث ، وبمقتضى القانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٣٢ الذي صدر في عهده أيضا نظم التخصص ، وغيرت مناهج التعليم في الجامعة الأزهرية لكي تتمشى مع التقدم العلمي الحديث. وبذلك دخلت الأزهر على يد الظواهري دراسات لم يكن للأزهريين عهد بها من