القرآن ، وقد أنشأ معهد القراءات والتجويد ، والمرجو أن يتابع الأزهر السير في هذه السبيل ، فيقوى معهد القراءات ويكمله ، وينشىء إلى جانبه دراسات عالية للحديث وعلومه ، حتى يستوفي الأزهر جميع الوسائل التي تعده لأن يكون كعبة المسلمين في كل ما يتصل بالقرآن والحديث. وفي مجلة الأزهر دراسة عن الشيخ مصطفى عبد الرازق (١).
رأي طه حسين في الشيخ
كتب طه حسين عن مصطفى عبد الرزق يقول :
كنت في السادسة عشرة حين لقيته لأول مرة حين أقبل زائرا لثلاثة من رفاقه في الأزهر ، بينهم أخي ، وكانوا جميعا يقيمون في غرفات متقاربة في ربع من تلك الربوع التي كان طلاب الأزهر يحتلونها في حوش عطى .. وكانوا يجتمعون في غرفة أحدهم حين يزورهم الزائرون ، وقد كان الاجتماع في غرفتنا تلك المرة. وقد لقيت منه شابا حار الصوت ، صادق اللهجة ، عذب الحديث ، لا يرفع صوته إلا بمقدار ، وكان قليل الحركة ، معتدل النشاط ، يمتاز من رفاقه أولئك بهذا الوقار الهادىء المطمئن الذي لا يتسم به الشباب عادة ، وإنما هو سمة الشيوخ ومن يجري مجراهم من الذين تقدمت بهم السن.
كان جم الأدب ، موفور التواضع ، لا يتجاوزر القصد في قول أو عمل ، يفرض عليه طبعه ذلك ، ويفرضه هو على الذين يجالسهم أو يتحدث إليهم ، كأنما كان يلقي في نفوسهم وقلوبهم وعلى ألسنتهم ، فضلا من وقاره وهدوء نفسه. فهم يتحدثون مثله في أناة ، ويضحكون مثله في قصد ، ويروون معه أحاديث الجد ، وربما عبثوا شيئا بنوادر الشيوخ من أساتذة الأزهر. ومضى وقت غير قصير قبل أن تقوى الصلة بينه وبيني.
__________________
(١) عدد شعبان ١٣٧٠.