وكان عندما يفرغ داعي الدعاة من إلقاء محاضرته على المؤمنين والمؤمنات أقبلوا عليه فقبلوا يديه فيمسح على رؤوسهم بالجزء الذي عليه إمضاء الخليفة ، وكان من اختصاص (داعي الدعاة) جمع النجوى وتدوين اسم من يدفع إليه أكثر من المال المقرر ، والنجوى نوع من الصدقة مقدارها ثلاثة دراهم وثلث درهم ، أما السادة الإسماعيلية فكان الواحد منهم يدفع ثلاثة وثلاثين دينارا وثلثي دينار ويمتازون عن عامة الناس فيعطى الواحد منهم رقعة مذيلة بإمضاء الخليفة وفيها هذه العبارة (بارك الله فيك وفي مالك وولدك ودينك) .. وقد لاقت الدعوة الفاطمية السياسية والدينية نجاحا عظيما في خلافة الحاكم بأمر الله ، فقد بذل هذا الخليفة مجهودا كبيرا في نشرها حتى أرغم الناس عليها لقوانينه الجائرة وانضموا إليها مكرهين.
وأهم الكتب التي تبحث في هذه التعاليم كما يقول الأستاذ أحمد توفيق عياد : كتاب «أسرار الباطنية للباقلاني المتوفى سنة ٤٠٣ ه» و «الملل والنحل» للشهرستاني و «رسائل إخوان الصفا» : ويجب أن يشار إلى وثيقة هامة في هذا الموضوع وهي المخطوط الموجود بدار الكتب بالقاهرة وعنوانها (رسائل الحاكم بأمر الله والقائمين بأمر دعوته). كما أنه يوجد مخطوط آخر في أربعة مجلدات بالمكتبة الأهلية بباريس عنوانه (المشاهد والأسرار التوحيدية لمولانا الحاكم).
ومنها يتبين أن الدعوة قد بنيت على آراء فلسفية مصدرها عقائد الباطنية والمعتزلة والفلسفة وهي أساس الشريعة عن الفاطميين قد حلت في عهد الحاكم في محل القرآن والسنة ، ومنها يتضح كيف بلغت هذه الدعوة وعملت في عقول الأهالي حتى تجاسر الحاكم أن يدعي الألوهية وأن الله قد تجسم في شخصه. وهذه الدعوة تلخص لنا تعاليمهم ، والأصل فيها أنهم أخذوا مذهب الأفلاطونية الحديثة وطبقوه على مذهبهم الشيعي تطبيقا غريبا ، واستخدموا ما نقله إخوان الصفا في رسائلهم من هذا المذهب الأفلاطوني.