المعز لدين الله ، وكان مالكي المذهب ثم انتحل المذهب الإسماعيلي فأخلص له ، وكان من دعائم الدعوة الفاطمية. وكتابه «الدعائم» من أصول المذهب الإسماعيلي ، ونهج على منهاجه الوزير يعقوب بن كلس في كتابه «مصنف الوزير» وله كتاب اسمه «مختصر الآثار فيما روي عن الائمة الأطهار» (١) ، ومن كتبه أيضا : «الينبوع» «والمجالس والمسايرات». وتوفي النعمان هذا في شهر جمادى الآخرة عام ٣٦٣ ه ، وصلى عليه المعز لدين الله.
وكان يتولى درسة كتاب «الاقتصار» في الأزهر ابن النعمان واسمه أبو الحسن علي بن النعمان (٢) .. وكتبه الأخرى كان بعضها يقرأ في
__________________
(١) منه نسخة خطية في الفاتيكان رقم ٥ ـ ١١٠٤
(٢) كان علي شيعيا غاليا ، وشاعرا مجودا (٨٤ ج ٣ شذرات الذهب) وتوفي أبو الحسن هذا عام ٣٧٤ ه ـ فولي القضاء بعده أخوه أبو عبد الله محمد وتوفي عام ٣٨٩ ه (٥٥ ج ٤ ابن خلدون).
ولأبي الحسن علي بن النعمان شعر في اليتيمة (٣٨٤ و٣٨٥ ج ١) .. وكذلك لأخيه القاضي أبي عبد الله محمد بن النعمان شعر (٣٨٥ و٣٨٦ ج ١ اليتيمة).
وكان أبو الحسن علي بن النعمان أول من لقب بقاضي القضاة في يمصر (٩١ ج ٢ حسن المحاضرة).
وكان علي بن النعمان محل عطف وثقة العزيز بالله ثاني خلفاء دولة هذا المذهب بمصر إلى أن قلد القضاء بالديار المصرية ، والشام ، والحرمين ، والمغرب ، وجميع مملكته ، والخطابة والإمامة ، ودار الضرب. وقرىء مرسوم توليته هذه الأشياء بالجامع الأزهر وبجامع عمرو ، وكان أمرهما إليه. وكان من عادة الدولة وقتئذ أن من يقلد هذه الوظيفة يخلع عليه الخلع المذهبة ، ويقلد السيف ، ويتم له ذلك بلا طبل ولا بوق ، إلا إذا ولي أمر الدعوة مع الحكم ، فلقد كان للدعوة في خلعها الطبل ، واليوق والبنود ، ولا تزال الطبول والبنود موجودة بمصر حتى الساعة عند أرباب الطرق الصوفية ، وهي بقية أو أثر من آثار هذه الدولة بمصر.
وكانت رتبة قاضي القضاة وقتئذ أجل رتب أرباب العمائم بمصر. ويكون في بعض الأوقات داعيا فيقال له حينئذ : قاضي القضاة وداعي الدعاة. وكانت العادة ألا يحضر لاملاك ولا جنازة إلا بإذن. وكان داعي الدعاة يلي قاضي القضاة في الرتبة ويتزيا بزيه في اللباس وغيره.