الأزهر ، والبعض الآخر يقرأ في حلقات خاصة للذين يريدون التخصص في فقه الشيعة والدعوة الفاطمية.
وظل الجامع الأزهر مثابة لحلقات الدروس يلقيها بنو النعمان حتى سنة ٣٦٩ ه ، إذ بدأت حلقات الأزهر تتحول إلى دراسة جامعية منظمة مستقرة ، فقد بدأ يعقوب بن كلس (١) وزير المعز لدين الله يقرأ بانتظام فيه كتابه المعروف بالرسالة الوزيرية في الفقه الشيعي ، وكان يجلس بنفسه لقراءته في الناس خاصتهم وعامتهم ، ويهرع لسماعه سائر الفقهاء والقضاة والأدباء وأكابر القصر ورجالات الدولة والدعوة ، وكانت تمتاز حلقات ابن كلس بتحررها من القيود الرسمية ، واتجاهها نحو الأهداف العلمية ، وبذلك كانت أول مجالس جامعية عقدت بالجامع الأزهر.
وفي عام ٣٧٨ ـ ٩٨٨ استأذن ابن كلس الخليفة العزيز بالله في أن يعين بالأزهر جماعة من الفقهاء للقراءة والدرس يحضرون مجلسه ويلازمونه ويعقدون مجالسهم بالأزهر في كل جمعة من بعد الصلاة حتى العصر ، وكان عددهم سبعة وثلاثين فقيها ، وكان رئيسهم ومنظم حلقاتهم هو الفقيه أبو يعقوب قاضي الخندق ، وقد رتب لهم العزيز أرزاقا وجرايات شهرية
__________________
(١) كان يعقوب يهوديا ، ولد في بغداد ، وجاء إلى مصر سنة ٣٣٤ ه ، واتصل بكافور ، وأسلم في شعبان ٣٥٦ ه ، ثم سار إلى بلاد المغرب واتصل بالمعز وكان رائدا لجيشه في فتح مصر ، وحضر مع المعز إلى مصر عام ٣٦٢ ه ، ولما توفي رثاه مائة شاعر (٣٩١ ـ ٣٩٧ ج ٣ ابن خلكان).
ويروى أنه تسابق العزيز بالله الفاطمي مع وزيره يعقوب بن كلس بالحمام ، فسبق حمام الوزير ، فعز ذلك على العزيز ، ووجد أعداء يعقوب إلى الطعن فيه سبيلا فقالوا للعزيز : إنه قد اختار من كل صنف أجوده وأعلاه ، ولم يبق منه إلا أدناه حتى الحمام ، وراموا بذلك أن يغروه به حسدا منهم لعله يتغير عليه ، فاتصل ذلك بالوزير فكتب الى العزيز :
قل لأمير المؤمنين الذي |
|
له العلا والمثل الثاقب |
طائرك السابق لكنه |
|
جاء وفي خدمته حاجب |
فأعجبه ذلك منه ، وسكن غضبه.