** لقد خرجت تلك الموسوعة الشاملة في تاريخ المدينة المنورة ، عام ١٣٩٢ ه ، والتى استنفدت من مؤلفها ما يقرب من عقدين من الزمن ، قضاها منتقلا ـ على قدميه ـ بين جبال المدينة وأوديتها ، بعيدا عن أسرته التي أحبها ، وأبناءه الذين كانوا في مرحلة الطفولة ، ولم يحتفل بتلك الإضافة العلمية الجديدة إلا نفر محدود من الباحثين ، في مقدمتهم الشيخ «حمد الجاسر» الذي أشاد بالكتاب ومؤلفه في «مجلة العرب».
وعاش «العياشي» بقية حياته حبيس داره المتواضعة ، في حي قباء ، ولكنه كان راضيا عن الجهد الذي قدمه لتوفر عامل الإخلاص ، وأسس البحث العلمي ، في كل فصل من فصول السّفر الذي ينير سبل المعرفة بتاريخنا الحي المشرق الذي شهدت أرض المدينة المنورة عظمة أحداثه ، وبطولة رجاله ، ثم يموت «العياشي» في شهر ربيع الأول من عام ١٤٠٠ ه.
وتعجز صحافتنا عن الإشادة الكافية بما أبدعه هذا المؤرخ الرائد في علم توثيق الخبر ، وتتبع الأثر ، بأسلوب علمي شامل يأخذ بكل ثابت في الرواية ، ومنطبق مع حيثيات المنطق ، نائيا بهذا عن كل ضعيف لا تقوم معه الحجة ، أو أسطورة ترفضها حقائق الأشياء. (٤)
** وإنها لمناسبة كريمة في أن أتوجه إلى معالي أمين المدينة المنورة المهندس «عبد العزيز الحصيّن» ومساعده الصديق المهندس «أنور إلياس» في إطلاق اسم «الشريف إبراهيم بن علي العياشي» على معلم بارز من معالم المدينة المنورة تخليدا لذكراه ، واعترافا بجهده في تاريخ هذا البلد الذي عرف بتقدير أولئك الذين ساهموا ـ بتجرد وإخلاص ـ في خدمته ، أو شاركوا في بنائه الفكري والثقافي ، وإنني على يقين من أن رجائي سوف يجد صدى إيجابيا لديهما ، فهما أهل لكل فضل ومعروف ، والله ولي التوفيق.