يا صاح ناد البواكي وابك أنت معي |
|
ولا تصبرن نفسي. لا تسليها |
ما مثل طيبة ، ما مثل الذي لقيت |
|
من الأسى ، فبمن ترجو تآسيها |
حاشا لمختلف الأملاك من غير الد |
|
نيا وما صنعت فيها لياليها |
بأبي الفداء لها من كل حادثة |
|
لو كان ينفعها أني أفديها |
وغاية الجهد أن أبكي لها أسفا |
|
حتى تجف دموعي في مآقيها |
كان التغزل في جيران ذي سلم |
|
واليوم قد كثرت فيها مراثيها |
هي المدينة أمست بعد عزتها |
|
كسيرة ، غاب عنها اليوم حاميها |
ويختتم الشاعر مقدمته الحزينة بهذا البيت :
أشد دار خرابا لا عمار له |
|
دار أتى هدمها من كف بانيها |
لقد أنشد «البيتي» قطعة شعرية تتردد ـ في مقاطعها ـ عبارات البكاء والحزن ، وكأنه يبحث ـ من خلال هذه العبارات ـ عن أجوبة لأسئلته الحائرة.
فهل كان الشاعر يطمح ـ من خلال هذه المقدمة البكائية ـ إلى إثارة انتباه السلطات العثمانية ، التي كانت مشغولة بهمومها الخاصة عن مثل هذا الوضع السيىء ، الذي أصبح المجتمع المدني يعايشه طيلة قرن كامل من الزمن؟ أم أن الشاعر الذي كان يعرف ـ مسبقا ـ بموقف السلطات المحلية وغيرها ، البعيد ـ كما يصوره الشاعر ـ عن أي سمة من سمات التعاطف والتجاوب مع آلام المواطن ، الذي كان يصطلى ـ وحده ـ بآثار تلك المشاكل الاجتماعية ، والتي عملت على إضعاف نفسيته ، وأبعدته عن دائرة العمل والانتاج.
فكان ـ عليه ـ أي على الشاعر ـ أن يبحث عن القارىء ، أو المستمع ، خارج إطار السلطة ، ذلك الفرد المسلم الذي كانت تفصله