كان التغزل في جيران ذي سلم |
|
واليوم قد كثرت فيها مراثيها |
(٤)
** ومن وسائل الشاعر الفنية : سعيه في أن يتمثل بحوادث التاريخ ، وهو تمثل يربط فيه الشاعر بين الوضع الذي آلت إليه البلدة في عصره ، وبين الوضع الذي سبق أن مرت به في عصور سابقة ، أو هو تمثل يحاول من خلاله ـ وبطريق غير مباشر ـ أن يعقد مقارنة بين الحكام ، الذين يتغافلون ـ عن عمد أو غير عمد ـ عن مجريات الأحداث في المدينة ، وذلك التغافل الذي أقدم عليه حكام سابقون ، مما تسبب في ضياع مقاليد الأمور من أيديهم ، وهو نفس المسار الشعري الذي سلكه الشاعر من حيث بعده عن المباشرة في الصياغة الشعرية ، أو في الربط بين الأمور ومجريات الأحداث ، محبذا في ذلك الأساليب الأكثر قدرة في التأثير في القارىء أو الشخص المسؤول على حد سواء.
ولا أظن أن الشاعر لجأ إلى ذلك خوفا ورهبة. ولكن أميل إلى أن وعيه وعمق ثقافته ، دفعاه لأن يختار لعمله الشعري من الأساليب ما جعله متميزا عن كثير من الأعمال الشعرية ، التي انتجها شعراء العصر العثماني.
يقول الشاعر في معرض تصويره للأهوال ، التي شهدتها المدينة من خلال أحداث القرن الثاني عشر ، ويقارنها في الوقت ـ نفسه ـ بتلك الأحداث التي جرت على أرض المدينة كيوم مقتل الخليفة «عثمان بن عفان» رضياللهعنه ، في العصر الإسلامي الأول ، وهو يوم الدار ، أو في بلاد الإسلام الأخرى ، كالقدس ، وبغداد ، وكربلاء ، وحلب ، ومصر :
مصيبة عرضت للمسلمين غدت |
|
عن «كربلاء» و «يوم الدار» تلهيها |
عادت لنا سيرة «التيمور» في حلب |
|
أيام صبيانها شابت نواصيها |
ويومه وهو في بغدد يهتكها |
|
ويوم «جنكيز» بالتاتار يرميها |