المؤلف في تقسيمه لفصول الكتاب مدفوعا بالرغبة في اتباع من سبقه من المؤلفين ، كابن معصوم (٢٩) في كتابه «السلافة» مع أن الأسس الأدبية التي انطلق منهما ابن معصوم في ترتيبه لأجزاء كتابه تختلف عن تلك التي نجدها عند الداغستاني في كتابه «التحفة».
أشار المؤلف في مقدمة كتابه «التحفة» إلى تدهور حال الأدب في عصره ، ولربما كان الأولى أن نثبت من هذه المقدمة ، ما يكون دليلا عل تنبه الداغستاني لهذه القضية التي لم يشغل المؤلفون ـ حينئذ بمناقشتها.
يقول المؤلف :
مضى الزمن الذي قد كان فيه |
|
لأهل الشّعر عزّ وارتفاع |
فإن الشّعر في ذا العصر علم |
|
قليل الحظ ، ملفوظ مضاع |
ولئن هجر الأدب مليا ، وأصبح نسيا منسيا ، فإن لزنده وريا يلتمع سقطه ، ولمزنه دقا يستدر نقطه ، والمرتدي بفاخر مطارفه بين الأخوان والإقران ، يشار إلى مجده وبيانه بالسلام والبنان ، خصوصا أن نظم في سلك التحايف زبرجده ، وسلك في قالب الظرايف عسجده. (٣٠)
** ويرى الدكتور عبد الرحمن الشامخ أنه على الرغم مما في إشارة الداغستاني هذه من تنبيه الى طبيعة الذوق الأدبي من صحة وسلامة إلا أن شكاته لم تكن الا استجابة لروح الحنين إلى الماضي ، لما يتضمنه كتابه من نصوص مفتقرة إلى الروح الأدبية والموهبة الفنية. (٣١)
ولئن أظهر المؤلف قدرة أدبية في تدوين الإنتاج الفني لأدباء المدينة في فترة القرن الثاني عشر. فإنه استطاع ـ أيضا ـ أن يدلل على ثقافته بما عقده من مقارنات بين هذا الإنتاج وما يماثله من ناحية المعنى من إنتاج بعض شعراء العصر العباسي كأبي نواس والبحتري ، وبعض شعراء العصر المملوكي مثل مجير الدين بن تميم ، وصفي الدين الحلي وجمال الدين بن نباتة ، وهذه الدراسة التي توصل إليها الداغستاني هي مما يزيد في أهمية