الكتاب من حيث اعتباره مصدرا رئيسيا للبحث في النواحي الفنية للشعر في تلك الفترة الزمنية ، والتي يجب أن يحظى باهتمامات النقاد ودراساتهم العلمية.
وإذا كان بعض الشعراء عبر عن بعض المشاكل الاجتماعية التي تعرضت لها المدينة إبان تلك الحقبة كما رأينا في الأبيات السابقة ، فإن البعض الآخر حاول أن يبث همومه الخاصة من خلال الشعر على أن هذه الشكوى الذاتية كانت مرتبطة في النهاية بما يعانيه المجتمع بأكمله من مشاكل وحوادث.
يقول الشاعر يوسف الأنصاري (٣٢) عند ما أجبر على الخروج من المدينة تحت تأثير بعض الحوادث الخاصة :
تصبّر فعمر النّائبات قصير |
|
ومثلي على سير الزمان يسير |
يقيني يقيني ما أظن من الردى |
|
ويمنعني كيد العدى ويجير |
ونفسي إن جاشت أقول لها اصبري |
|
فلست بنفسي إن عراك ضجور |
وكوني على حكم القضا مطمئنة |
|
فليس سوى ما قد قضاه يصير |
وما محن الأيام إلا سحابة |
|
بإبان صيف ساعة وتغور |
فما تغلبن إلا ضعيفا يقينه |
|
ويغلبها ثبت الفؤاد صبور |
وتكشف أبيات الشاعر الأنصاري (٣٣) عن ثقافته التراثية المتمكنة فهو مجيد في اقتباس الأمثال والأبيات الشعرية وتضمينها ، حتى يكسب ذلك قصيدته قدرا كبيرا من الإجادة والقوة ، فمن الأبيات التي ضمنها بعض الأمثال العربية السائرة قوله :
فشنشنة من أخزم قد عرفتها |
|
وطبعا فإني للطباع غيور |