تقديم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من توارى جثمانه وورى ثرى طيبة الطيبة سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم وبارك على آله وصحبه وسائر الأنبياء والمرسلين.
جرت العادة في تقسيم الأطراف ذوات العلاقة في الأعمال التدوينية إلى ١ ـ مؤلّف. ٢ ـ ومؤلّف. ٣ ـ قارىء. بيد أن العمل الذي بين أيدينا يتميز بإضافة عنصر رابع لتصبح عناصره :
١ ـ موضع. ٢ ـ موضع. ٣ ـ مؤلف. ٤ ـ قارىء.
فالموضع هو المدينة المنورة.
ولم يكن ليتأتى للمدينة أن تحظى بما حظيت به لو لا أن اختارها الله عزوجل لتكون موضع الهجرة لنبيه صلىاللهعليهوسلم لتستحيل حمّاها الموهنة إلى قوة متدفقة في شريان الكيان الإسلامي فتمتد اطناب دولته حتى غشيت جل أصقاع الكرة الأرضية وتصبح طيبة أول عاصمة للدولة الإسلامية.
ولن أستفيض في ذكر فضائل المدينة ومزاياها فالمرء يجل مكة والمدينة عن أن يمر بهما مر الكرام في التوطئة لمؤلف وقد أفردت لهما المتون الضخام وعم خبر فضلهما القاصي والداني فهما العينان اللتان نظر بهما الإسلام إلى الدنيا ويشرئب إلى النظر إليهما كل مسلم. حتى غدا التأليف فيهما شرفا يغبط به من ناله وفضلا يتوق إليه من لم ينله.
والموضوع يتمحور حول تاريخ وأدب المدينة المنورة خلال فترة زمنية امتدت من القرن الثاني عشر الهجري حتى العصر الحديث لتشمل حقبة منيت بالكثير من الحيف والظلم خلال تاريخنا الأدبي في مجمله حتى وسمت جورا بعصر الجمود والانحطاط عوضا عن العصر المملوكي والعثماني فجل نتاج هذه الفترة لا زال متواريا ومخطوطا كما أن الباحثين انصرفوا إلى العصور الأخرى وتنكبوا عن هذا العصر فكما أن الحكم على الشيء جزء من تصوره فإن الحكم على هذا العصر مرتهن بإبراز نتاجه وتحقيق مخطوطاته والعكوف على موضوعاته وشخصياته دراسة وتحليلا ليتسنى إصدار الحكم له أو عليه.
ولقد وفق المؤلف في العزوف عن التوجه النمطي السائد في دراسة الأدب بأن