كان الوليد (١) زنديقا ، وكان رجل (٢) من كلب أهل الشام يقول بمقالة الثنوية (٣) فدخلت على الوليد يوما وذلك الكلبي عنده ، وإذا بينهما سفط قد رفع رأسه عنده ، وإذا ما يبدو منه حرير أخضر ، فقال : يا علاء ادن ، فدنوت ، فرفع الحريرة ، فإذا في السّفط صورة إنسان ، وإذا الزئبق والنوشادر قد جعلا في جفنة فجفنه يطرف كأنه يتحرك فقال : يا علاء هذا ماني (٤) لم يبعث الله نبيا قبله ولا يبعث نبيا بعده ، فقلت : يا أمير المؤمنين اتّق الله ولا يغرّنّك هذا الذي ترى من دينك ، فقال له الكلبي : يا أمير المؤمنين قد قلت لك إنّ العلاء لا يحتمل هذا الحديث ، قال العلاء : ومكثت أياما ثم جلست مع الوليد على بناء كان بناه في عسكره يشرف منه والكلبي عنده ، وقد كان الوليد حمله على برذون هملاج (٥) أشقر من أقره ما سخّر ، فخرج على برذونه ذلك فمضى في الصحراء حتى غاب في العسكر ، فما شعر إلّا والأعراب قد جاءوا به يحملونه منفسخة عنقه ميتا ، وبرذونه يقاد حتى أسلموه ، فبلغني ذلك ، فخرجت متعمدا حتى أتيت أولئك الأعراب وكانت لهم بالقرب أبيات في الأرض البخراء لا حجر فيها ولا مدر فقلت لهم : كيف كانت قصة هذا الرجل؟ فقالوا : أقبل علينا على برذون ، فو الله لكأنه دهن يسيل على صفاة من فراهيّته فعجبنا لذلك إذ انقضّ رجل من السماء عليه ثياب بيض ، فأخذ بضبعيه فاحتمله ثم نكسه فضرب برأسه الأرض فدقّه ، ثم غاب من عيوننا فاحتملناه فجئنا به.
أبو الفرج لا يوثق بما يحكيه.
٥٤٧٨ ـ العلاء بن الوليد
أظنه من أهل بيت المقدس.
سمع عمر بن عبد العزيز.
__________________
(١) يعني الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، يكنى أبا العباس (راجع أخباره في تاريخ الطبري ـ الفهارس ـ وغيره من كتب التاريخ).
(٢) الأصل وم و «ز» : رجلا ، خطأ.
(٣) الأصل وم و «ز» : «فقال مقالة النبوية» والتصويب عن المختصر والأغاني. والثنوية هم أصحاب الاثنين الأزليين ، الذين يقولون إن النور والظلمة أزليان قديمان (راجع في هذا الشأن الملل والنحل للشهرستاني).
(٤) هو ماني بن فاتك ، اتخذ دينا بين المجوسية والنصرانية قال بنبوة المسيح ولم يقل بنبوة موسى (راجع الملل والنحل).
(٥) الهملاج : الحسن السير في سرعة وبخترة.