ناولت «القربان» الى نساء عديدات من اهل البلد ، ولهن عادة التقرب وهن واقفات ، اذ يعتبرون الوقوف علامة اكرام وتبجيل.
لا حظت عادة اخرى عن الاتراك انهم يحيون باليد اليسرى! ...
لقد ظهر لي ان الامبراطورية العثمانية كلها في حالة من الفوضى لا تحسد عليها ، فانتصارات اهل البندقية المتتالية ، اولئك الذين اصبح لهم قوة كبيرة يحسب لها الف حساب ، من جهة اخرى كان حسن باشا (١) والي حلب واغا التركمان قد اعلنا العصيان واتفقا مع والي دمشق والقدس ، ومع رؤساء اخرين ، فجمعوا جيشا عرمرما مؤلفا من جنود مدربين ، وزحفوا على اسطنبول مهددين قاعدة المملكة بالخراب. عندئذ اصدر الباب العالي امرا الى جميع الولاة (الباشوات) ليجمعوا عساكرهم لمجابهة ذلك الجيش ، وأن يجتهدوا ليحولوا دون اتفاق اولئك «العصاة» مع الشاه الايراني ، اذ كانوا يعتقدون «هناك في الباب العالي» بوجود اتفاق بين المتمردين والعاهل الايراني. وكان مرتضى باشا قد وصل الى حدود الموصل على راس جيش قوامه ثلاثة عشر الف جندي ، دون نظام ، وكان جيش الثوار من الطراز نفسه ، وكانوا «اعني جنود مرتضى» يهاجمون القرى الآمنة والمسافرين ، والقوافل ايضا ، فيسلبون ويقتلون.
ان هذه الاحوال المضطربة حملتني على ترك طريق ما بين النهرين والسير في طريق الصحراء مع دليل وبرفقة جنود وخادمين اثنين ، بصحبة القس الياس (٢) ، الذي كان نسطوريا فتكثلك ، وهو ابن اخي بطريرك تلك الطائفة (٣) وقد
__________________
(١) «كان قد تمرد حسن اباظة باشا في الاناضول واستشرى فساده ، فصدرت الاوامر الى مرتضى باشا بالسفر الى هناك لقمع الفتنة ، والحق به بعض الميرميران والقواد من العساكر ، ولما وصل قرب قونية عبأ قواته وهجم على العدو قبل ان يعد العدة ويهيىء جنوده للحرب ، وبعد كر وفر وطعن وضرب دارت الدائرة عليه وارتد مخذولا نحو جهة حلب .. ثم جمع اشتاته ، وراح يستعد لا عادة الكرة ثم سار نحو خصمه ..» كلشن خلفا ص ٢٥٧.
(٢) بخصوص القس الياس انظر الملحق رقم (١٣).
(٣) انظر الملحق (١٤).